måndag 24 oktober 2011

ماهو الإلحاد?

ملاحظة: عند بحثي في قضية الالحاد وجدت الكثير من المواضيع التي تشوه وجه الالحاد. وعلى الرغم من ان افضل المواضيع كانت في الويكبيديا العربية الا انها لم تكن بالمستوى المطلوب. لهذا السبب سمحت لنفسي بإعادة صياغة موضوع الويكبيديا وإعادة طرحه هنا، ليكون مرجعا قياسيا..

الالحاد كلمة اطلقها المؤمنون على من يرفض تصديق إدعائهم التي يسوقونها بدون دليل على اساس ان الايمان هو الاصل، ونلاحظ ذلك في اصل كلمة الالحاد..

الالحاد في اللغة العربية
معجم لسان العرب یقول: لحَد القبر يلحَدهُ لَحْدًا عمل لهُ لحْدًا. واللحد حفرهُ. والميت دفنهُ. وإلى فلانٍ مال ولحَد في دِين اللَّه لغة في الحد. واللحد حفرهُ. وعن دِين الله وغيرهِ مال وحاد وعدل وطعن فيه. والرجل مارَى وجادَلَ. وفي الحَرَم ترك القصد.(نهایة الإقتباس). نفهم من أعلاه أن مصدر الكلمة لحد یعني المیلان عن طریق أو شيء ما واللحد في الإله أو في الدین هو الخروج عن الدين، او الخروج عن " الصراط المستقيم" والانحراف .

البعض يحاول ترجمة الكلمة الانكليزية Atheism الى اللاربوبية لتفادي المعنى المشحون لكلمة الالحاد الذي اطلقها المؤمنون على اعدائهم. على هذا الاساس تكون اللاربوبية (الإلحاد) وصف لأي موقف فكري يرفض التصديق بإدعاء وجود قوة ذكية ( خالق وفق الفهم الديني) واعي للوجود أو "كائنات" مطلقة القدرة وخارقة للعادة وخارج الكون (إله)، والالحاد بالمعنى الواسع هو عدم تصديق وجود هكذا كائنات (الالهة) خارج المخيلة البشرية. انه موقف معرفي ابتسمولوجي من ادعاء وجود "الله" أو "الهة". فلأن شرط العلم (بحسب افلاطون) هو ان يكون المعلوم قضية منطقية صحيحة، مثبتة، ويمكن الاعتقاد بها، ولما كان ادعاء وجود اله، بحسب الملحد، غير مثبت (ادعاء بدون برهان) فان التصديق بوجود اله ليس علماً وانما هو نمط من " الايمان" الشخصي والذاتي الغير قائم على ادلة. وما يـُقدم بلا دليل يمكن رفضه بلا دليل. ومن هذا فان الالحاد الصرف هو موقف افتراضي بمعنى انه ليس ادعاءاً وانما هو جواب على ادعاء بالرفض.

ليس هناك مدرسة فلسفية واحدة تجمع كل الملحدين، فالملحد يمكن ان يكون من المدرسة المادية أو الطبيعية. والملحدين عِلمانيين بطبيعة عدم قبولهم الادعاءات بدون دليل وتمسكهم بالمنهج العلمي القائم على التشكك والتجربة . وتزداد المطالبة بالبرهان اهمية عندما يتعلق الامر بعالم ما وراء الطبيعة والروحانيات، إنطلاقا من ان الادعاء الاستثنائي يتطلب برهانا استثنائي.

ليس الايمان بإله تحديدا هو الذي يرفضه الملحدون فالبوذيون يؤمنون بدين ولكنهم لايؤمنون باله، ومع ذلك لايؤمن الملحد بالبوذية. ان نواة الالحاد هو عدم قبول الادعاء بدون دليل، يستوي في ذلك مايدعيه مؤمن عن وجود إله او مايدعيه بوذا او اي إدعاء اخر خارج إطار الدين. من هذه الزاوية يمكن للجميع ان يكونوا ملحدين بشكل من الاشكال.


تاريخ الإلحاد


في التاريخ العربي هناك ادلة على وجود ملحدين قبل الإسلام باسم آخر وهو الدهريين الذين كانوا يعتقدون بقدم العالم وأن العالم لا أول له ويذكرهم القران بقوله " وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر وما لهم بذلك من علم ان هم الا يظنون(24) ". الجاثية،
ومن الصعب حصر اسماء الملاحدة في الفترة الاسلامية بالذات لاختلاف علماء المسلمين في وصم مخالفيهم بالزندقة والكفر. فمثلا جرى اتهام الحلاج بالكفر وجرى التمثيل به حيا على الرغم من انه مؤمن، بل ووصل الامر الى التحضير لاتهام ابن تيمية بالخروج من الملة. حسب الشيخ ناصر الفهد في كتابه " حقيقة الحضارة الاسلامية" اتهم بالزندقة ثلة من كبار علماء الفترة الاسلامية ومنهم ابن المقفع وجابر بن حيان والجاحظ والخوارزمي والرازي والفارابي وابن سينا وابن الهيثم وابو العلاء المعري وابن باجه وابن رشد والطوسي.
وقد ألف جمال الدين الأفغاني كتاباً للرد على الملحدين المعاصرين وأسماه "الرد على الدهريين". أما كلمة الإلحاد فكانت تستعمل فقط للأناس الذین كانوا لا یتبعون الدین وأوامره باعتبار الدین منزل أو مرسل من لدن الإله. وفي الكتب المقدسة نجد ذكراً لأشخاص أو جماعات لا یؤمنون بدین معین أو لا یؤمنون بفكرة یوم الحساب أو كانوا یؤمن بآلهة على شكل تماثیل (أصنام) كانت غالبا تصنع من الحجارة. وقد وردت كلمة الإلحاد ومشتقاتها في القرآن في المواضع التالیة:
سورة الأعراف: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه سيجزون ما كانوا يعملون(180)
سورة النحل: ولقد نعلم انهم يقولون انما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون اليه اعجمي وهذا لسان عربي مبين (103)
سورة فصلت: ان الذين يلحدون في اياتنا لا يخفون علينا افمن يلقى في النار خير ام من ياتي امنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم انه بما تعملون بصير (40)

الكلمات الآنفة الذكر في القرآن لا تأتي بمعنى الإلحاد بالمفهوم الحالي المتعارف علیه. فهنا تأتي بمعاني مختلفة وأهمها الشك في شيء والميل عنه. وكذلك الشخصیات المذکورة في القرآن من الذین كانوا لا یؤمنون برسالة محمد كانوا شخصیات غیر ملحدة (بالمفهوم الحالي) بل کانوا یؤمنون بتعدد الآلهة "مشركون" فبالرغم من اعتقادهم بوجود الإله الأوحد فإنهم كانوا بنفس الوقت یؤمنون بأن التماثیل التي كانوا یعبدونها بإستطاعتها الشفاعة لهم عند الإله الأعظم. سورة العنكبوت:
ولئن سالتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فانى يؤفكون (61)

ويبدو أن فكرة إنكار وجود خالق من الأساس كانت قضية غير شائعة في الحضارات القديمة واطرافها ، إذ يقول المؤرخ الإغريقي Plutarch: "لقد وجدت في التاريخ مدن بلا حصون، ومدن بلا قصور، ومدن بلا مدارس، ولكن لم توجد أبدا مدن بلا معابد".
وعلى مايبدو لم يغادر ابدا موقع الحضارات القديمة ولم يصل الى افريقيا حيث لم تكن تعرف الاديان والعبادات الموجهة طقوسها الى آلهة ولم تكن تملك معابدا.

اللادينية وعلاقتها بالإلحاد


اللادينية تيار غني بالرؤى حول وجود الإله أو عدمه وهي بذلك أعم من الإلحاد الذي ينفي وجود الإله، ولكل لاديني فهمه الخاص للدين والإنسان والإله ولكن هذا لا يعني غموض مفهوم اللادينية، إذ مهما تعددت الرؤى والتصورات يبقى للادينية مفهوم فكري عام يميزها عن باقي الاتجاهات الفكرية. هذا المفهوم الفكري العام یتمركز في أنهم جمیعا یعتقدون أن الأدیان الحالیة هي من صنع البشر ولیس من خالق مفترض او علة اولى. يُقسم البعض اللادينية لثلاثة فروع
1) الملحدون (أي أن الالحاد فرع للادينية) : وهم الذين ينكرون وجود الإله جملة وتفصيلاً
2) اللا أدريه : وهم الذين لايعلمون هل يوجد إله أم لا
3) الربانيون : وهم الذين يعتقدون بوجود إله الخالق او علة اولى، في الوقت الذي لايرون ان الاديان هي من عند هذا الإله او العلة الاولى ( العلة الاولى ليس بالضرورة إله).

أسباب الإلحاد



أسباب فلسفية نابعة من التحليل المنطقي والاستنتاج العلمي، حيث يشير كثير من الملحدين إلى النقاط أدناه:
  • عدم وجود أي أدلة أو براهين على وجود إله [1] ويرون أن وجود إله متصف بصفات الكمال منذ الأزل هو أكثر صعوبة وأقل إحتمالا من نشوء الكون والحياة لأنهما لا يتصفان بصفات الكمال، بمعنى أن افتراض وجود إله حسب رأي الملحدين يستبدل معضلة وجود الكون بمعضلة أكبر وهي كيفية وجود الإله الكامل منذ الأزل، وبالتالي لا بد أن التعقيد قد نشأ من حالة بسيطة، كتفسير تنوع وتعقيد الكائنات الحية كما تشرحه نظرية التطور عن طريق الانتخاب الطبيعي، بل ان الكون برمته نشأ من حالة بسيطة الى التعقيد، لتصبح نظرية التطور نظرية كونية.
  • فكرة الشر أو الشيطان في النصوص الدينية: يرى بعض الملحدين (أبيقور مثلا) أن الجمع بين صفتي القدرة المطلقة والعلم المطلق يتعارض مع صفة العدل المطلق للإله وذلك لوجود الشر في العالم.[2] ولا ترى المذاهب الإسلامية السائدة تعارضا بين وجود الشر ووجود إله عليم وقدير وعادل بينما تذهب المعتزلة إلى نفي خلق الله لأفعال العباد لأجل تنزيه الإله عن فعل الشر لكن ذلك لا يرد على الشر الناتج عن الحوادث الطبيعية التي لا دخل للإنسان فيها كالزلازل مثلا او التشوهات الخلقية للاجنة..
  • عدم وجود دليل علمي على فرضية الخلق من العدم، حيث يبين العلم حسب قانون بقاء المادة أن المادة لا تفنى ولا تستحدث من العدم بل يمكن فقط أن تتحول إلى طاقة بعلاقة تعبر عنها معادلة تكافؤ المادة والطاقة، والطاقة بدورها محفوظة بقانون بقاء الطاقة، بمعنى أن المادة هي صورة من صور الطاقة وهما لا يفنيان ولا يخلقان من العدم.
  • وجود ما يعتبرونه أخطاءً في تصميم الطبيعة مثل أخطاء في تصميم العين [3] والأجنحة التي لا تنفع للطيران لدى بعض الطيور والاثداء لدى الذكور وامور أخرى عديدة وكلها تدل على عدم الكمال [4].
  • وتدخل أسباب اللادينية التي ذكرناها اعلاه ضمن أسباب الإلحاد لأن كل الملحدين لادينيون نسبة إلى الأديان الإبراهيمية (لكن العكس غير صحيح فالربوبي يؤمن بإله دون دين).


أنواع الإلحاد


بسبب التعريف غير واضح المعالم لمصطلح الإلحاد ووجود تيارات عديدة تحمل فكرة الإلحاد، نشأت محاولات لرسم حدود واضحة عن معنى الإلحاد الحقيقي وأدت هذه المحاولات بدورها إلى تفريعات وتقسيمات ثانوية لمصطلح الإلحاد، وتبرز المشكلة إن كلمة الإلحاد هي ترجمة لكلمة إغريقية وهي atheos وكانت هذه الكلمة مستعملة من قبل اليونانيون القدماء بمعنى ضيق وهو "عدم الإيمان بإله" وفي القرن الخامس قبل الميلاد تم إضافة معنى آخر لكلمة إلحاد وهو "إنكار فكرة الإله الأعظم الخالق" كل هذه التعقيدات أدت إلى محاولات لتوضيح الصورة ونتجت بعض التصنيفات للإلحاد ومن أبرزها:
  • إلحاد قوي أو إلحاد ايجابي وهو نفي وجود إله [5].
  • إلحاد ضعيف أو إلحاد سلبي وهو عدم الاعتقاد بوجود إله [6].

الفرق بين الملحد الإيجابي والسلبي هو ان الملحد الإيجابي ينفي وجود الله وقد يستعين بنظريات علمية وفلسفية لإثبات ذلك, بينما الملحد السلبي يكتفي فقط بعدم الاعتقاد بالله نظرا لعدم قناعته بالأدلة التي يقدمها المؤمنون .

هذان التعريفان كانا نتاج سنين طويلة من الجدل بين الملحدين أنفسهم ففي عام 1965 كتب الفيلسوف الأمريكي من أصل تشيكي أيرنست نيجل (1901 - 1985) "إن عدم الإيمان ليس إلحادا فالطفل الحديث الولادة لايؤمن لأنه ليس قادرا على الإدراك وعليه يجب توفر شرط عدم الإعتقاد بوجود فكرة الإله" [8].

في عام 1979 قام الكاتب جورج سمث بإضافة شرط آخر إلى الملحد القوي الا وهو الإلحاد نتيجة التحليل والبحث الموضوعي فحسب سمث الملحد القوي هو شخص يعتبر فكرة الإله فكرة غير منطقية وغير موضوعية وهو إما مستعد للحوار أو وصل إلى قناعة في اختياره ويعتبر النقاش في هذا الموضوع نقاشا غير ذكي [9]،

ولكن البحث والتقصي يكشف لنا أن معظم المفكرين والعلماء الذين أعلنوا الإلحاد لم يتمتعوا بهذه الصفة، إذ يقول موريس بلوندل: "ليس هناك ملحدون بمعنى الكلمة".
وأوضح سمث إن هناك فرقا بين رجل الشارع البسيط الذي ينكر فكرة الإله لأسباب شخصية أو نفسية أو اجتماعية أو سياسية والملحد الحقيقي الذي وإستنادا إلى سمث يجب أن يكون غرضه الرئيسي هو الموضوعية والبحث العلمي وليس التشكيك أو مهاجمة أو إظهار عدم الإحترام للدين [10].

ولكن وبالرغم من هذه التوضيحات بقيت مسألة عالقة في غاية الأهمية لم تحسم لحد هذا اليوم وهو التطبيق العملي على أرض الواقع والحياة العملية لفكرة الإلحاد، فالأديان لا تشجع الإنسان على إتباعها لما يجده فيها من التزام أخلاقي مريح، بل إنها أيضا تقدم له حلولا عقلية مريحة أيضا للقضايا الفلسفية الكبرى حول الوجود والغاية من الحياة، وقد يلتقي الملحد الحقيقي مع المؤمن بدين معين في فكرة احترام وجهة نظر المقابل وعدم استصغار أو تحقير أية فكرة إذا كانت الفكرة مبعث طمأنينة لشخص ما وتجعله شخصا بناءا في المجتمع. فبعض الملحدين لديهم فکر حضاري قائم على مباديء حقوق الإنسان، بالرغم من أن بعضهم أيضاً يبدي سلوكاً متطرفاً تجاه المؤمنين.

بدايات الإلحاد الممنهج



استنادا إلى كارين أرمسترونغ في كتابها «تاريخ الخالق الأعظم» [11] فإنه ومنذ نهايات القرن السابع عشر وبدايات القرن التاسع عشر ومع التطور العلمي والتكنلوجي الذي شهده الغرب بدأت بوادر تيارات أعلنت أستقلالها من فكرة وجود الخالق الأعظم. هذا العصر كان عصر كارل ماركس وتشارلز داروين و فريدريك نيتشه وسيغموند فرويد الذين بدؤوا بتحليل الظواهر العلمية والنفسية والأقتصادية والاجتماعية بطريقة لم يكن لفكرة الخالق الأعظم اي دور او مكان. ساهم في هذه الحركة الموقف الهش للكنيسة المسيحية في القرون الوسطى وماتلاها نتيجة للحروب والجرائم والأنتهاكات التي تمت في أوروبا باسم الدين نتيجة تعامل الكنيسة الكاثوليكية بما اعتبرته هرطقة أو خروجا عن مبادئ الكنيسة حيث قامت الكنيسة بتشكيل لجنة خاصة لمحاربة الهرطقة في عام 1184 م وكانت هذه اللجنة نشيطة في العديد من الدول الأوروبية [12]، وقامت هذه اللجنة بشن حملة جهادية على أتباع المعتقد الوثنى في غرب أوروبا، والوثنية هي اعتقاد بأن هناك قوتين أو خالقين يسيطران على الكون يمثل أحدهما الخير والأخر الشر.

استمرت هذه الحملة من 1209 إلى 1229 وشملت أساليبهم حرق المهرطقين وهم أحياء وكانت الأساليب الأخرى المستعملة متطرفة وشديدة حتى بالنسبة لمقاييس القرون الوسطى. وكانت بناءا على مرسوم من الناطق باسم البابا قيصر هيسترباخ Caesar of Heisterbach الذي قال «اذبحوهم كلهم» [13] [14] واستمرت هذه الحملة لسنوات وشملت أكثر من 10 مدن في فرنسا. وتلا هذه الحادثة خسائر بشرية كبيرة وقعت أثناء الحملات الصليبية. ولم يقف الأمر عند العلماء يل حتى الأدباء اعلنوا وفاة فكرة الدين والخالق ومن ابرز الشعراء في تلك الفترة نجد وليم بلاك (1757 - 1827) William Blake حيث قال في قصائده ان الدين ابعد الأنسان من إنسانيته بفرضه قوانين تعارض طبيعة البشر من ناحية الحرية والسعادة وان الدين جعل الأنسان يفقد حريته واعتماده على نفسه في تغير واقعه [15].

وبدأت تدريجيا وخاصة على يد الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور (1788 - 1860) بروز فكرة ان "الدين هو من صنيعة البشر ابتكرها لتفسير ماهو مجهول لديه من ظواهر طبيعية أو نفسية أو اجتماعية وكان الغرض منها تنظيم حياة مجموعة من الناس حسب مايراه مؤسس الدين مناسبا وليس حسب الحاجات الحقيقية للناس الذين عن جهل قرروا الالتزام بقيم تتعارض وصالحهم [16] وانه من المستحيل ان تكون كل هذه الديانات المتناقضة واللامنطقية والمسببة للحقد والحروب من مصدر واحد، عدا عن ان يكون رحيم وعاقل، فالاله الذي انزل 12 مصيبة على المصريين القدماء وقتل كل مولود أول ليخرج شعبه المختار من أرض مصر هو ليس نفس الاله الذي ينصحك بان تعطي خدك الآخر ليتعرض للصفع دون أن تعمل شيئا".

وتزامنت هذه الأفكار مع ابحاث تشارلز داروين الذي كان مناقضا تماما لنظرية نشوء الكون في الكتاب المقدس واعلن فريدريك نيتشه من جانبه موت الخالق الأعظم وقال ان الدين فكرة عبثية وجريمة ضد الحياة إذ انه لم يفهم فكرة التكليف التي يقول بها الدين وهي أن يعطيك الخالق مجموعة من الغرائز والتطلعات وفي نفس الوقت يصدر تعاليم بحرمانك منها في الحياة ليعطيك اياها مرة أخرى بعد الموت خصوصا وأن رجال الدين في أوروبا آنذاك كانوا يميلون إلى الرهبنة والانقطاع عن الدنيا [17]

وهكذا أخذت أفكار الملحدين في هذه المرحلة منحى النفور من الدين لتناقض العقل مع تصرفات وتعاليم الكنيسة. اعتبر كارل ماركس الدين أفيون الشعوب يجعل الشعب كسولا وغير مؤمنا بقدراته في تغيير الواقع وان الدين تم استغلاله من قبل الطبقة البورجوازية لسحق طبقة البسطاء [18]، اما سيغموند فرويد فقد قال ان الدين هو وهم كانت البشرية بحاجة اليه في بداياتها وان فكرة وجود الاله هو محاولة من اللاوعي لوصول إلى الكمال في شخص مثل أعلى بديل لشخصية الأب إذ ان الأنسان في طفولته حسب اعتقاد فرويد ينظر إلى والده كشخص متكامل وخارق ولكن بعد فترة يدرك انه لا وجود للكمال فيحاول اللاوعي ايجاد حل لهذه الأزمة بخلق صورة وهمية لشيئ اسمه الكمال [19].

كل هذه الأفكار وبصورة تدريجية ومع التغييرات السياسية التي شهدتها فرنسا بعد الثورة الفرنسية وبريطانيا بعد عزل الملك جيمس الثاني من إنكلترا عام 1688 وتنصيب الملك وليام الثالث من إنكلترا والملكة ماري الثانية من إنكلترا على العرش كان الأتجاه السائد في أوروبا هو نحو فصل السياسة عن الدين والغاء العديد من القيود على التعامل والتعبير التي كانت مفروضة من السلطات السابقة التي كانت تاخذ شرعيتها من رجالات الكنيسة. وعندما بدأ الاستعمار الأوروبي للعالم الإسلامي حيث تحولت الجزائر إلى مستعمرة فرنسية عام 1830 وتحولت اليمن الجنوبية في عام 1882 إلى مستعمرة بريطانية وبين بريطانيا وفرنسا سقطت مصر وتونس وليبيا والمغرب والسودان. وهنا بدأ احتكاك جديد لأول مرة بين قوى متطورة من الناحية العلمية والتكنلوجية وليس للدين دور مباشر في جهاز ادارتها وايديولوجيتها السياسية وبين مسلميين لايعون العالم الا من خلال الدين ليدركوا ان ذلك لم يفدهم وان ركب التقدم قد فاتهم على الرغم تمسكهم الشديد بالدين. وفي قرارة نفسهم كانوا لايزالون يؤمنون بانهم "خير أمة أخرجت للناس" وان "الدين عند الله الإسلام" فظهر انهم امام خياران لا ثالث لهما اما اللحاق بالتقدم الغربي من خلال التقليد والتعلم والعلاقات الجيدة أو الارتكان الى الاعتقاد السهل بان ما آل اليه حال المسلمين من الانحدار يكمن سببه في الأبتعاد عن أصول الدين الإسلامي. فاختار البعض الطريق الذي جربه الغرب على اساس العلمانية في حين اختار البعض الانغماس في الدين سواء بالمذهب السلفي الاكثر ارثوذكسية أو اختيار التجديد وقراءة الدين قراءة عصرية ولايزال هذا الأنقسام موجودا إلى يومنا هذا.

الإلحاد في العالم الإسلامي


بعد إسقاط الإمبراطورية العثمانية حاول مصطفى كمال أتاتورك (1881 - 1938) بناء دولة علمانية وإلحاق تركيا بالمجتمع الأوروبي فقام بإغلاق جميع المدارس الإسلامية وشملت المحاولة منع إرتداء العمامة أو رموز أخرى فيه إشارة إلى الدين. في إيران تأثر الشاه رضا خان الذي حكم من 1925 إلى 1941 بمبادرة أتاتورك فقام بمنع الحجاب وأجبر رجال الدين على حلق لحاهم وقام بمنع مواكب العزاء أثناء عاشوراء ولكن هذه المحاولات لكونها مفاجئة وقهرية وجرت في مجتمع فلاحي لازال يعيش عصرا ابويا عشائريا كانت لها نتائج عكسية، كما ان المجتمع لم يواجه حكما مباشرا من المؤسسة الدينية على العكس من أوروبا حيث تدخلت الكنيسة في حياة المجتمع والسياسة والعلم. والعالم الاسلامي يقف اليوم امام حالة مماثلة لما عاشته اوروبا حيث استولت المؤسسة الدينية على السلطة السياسية في السعودية والسودان وايران والعراق، وتملك نفوذا قويا في جملة من البلدان الاخرى او انها في الطريق لذلك، وتتدخل بصلافة في الحياة الشخصية للفرد الى حدود مدهشة..




ويكبيديا

tisdag 11 oktober 2011

علم نفس التعذيب

تفرض الحياة علينا العديد من الادوار التي نلعبها كأب او ام او صديق او موظف او شرطي، تضع تحت مسؤوليتنا جزء من مصير الاخرين، فإلى اي مدى يؤثر الدور على تصرفاتنا ويتقمصنا، لنقوم بتنفيذ مانعتقد انه مطلوب منا عوضا ان نكون خاضعين لطبيعتنا الاولى؟

 كيف يتصرف المرء الذي يفوض له مصير الاخرين والاشراف عليهم في السجون  والحياة، ولماذا يتحول السجان الى شيطان اثناء سعيه لتأدية واجب وظيفته؟   هذا مايحاول Stanley Milgram إلقاء الضوء عليه في  هنا.


للإجابة على هذا السؤال , يكفي إستحضار دراسة علمية رائدة ( تجربة السجن التمثيلي بجامعة ستانفورد ) قام بها زيمباردو وزملاءه .. حيث تم إختيار 24 شاب توفرت فيهم شروط التجربة كالصحة النفسية والجسمية والنضج والحياة العادية الخالية من المشاكل مع القانون أو أي تورط في أعمال عدوانية , وطُلِب من كل واحد منهم توقيع خطاب موافقة على المشاركة في التجربة حتى نهايتها مقابل مبلغ من المال , ثم تم تقسيمهم إلى مجموعتين بطريقة عشوائية , مجموعة " الحراس " ومجموعة " السجناء " . وقد قام زيمباردو يتوفير كل الأجواء الكفيلة بجعل الأمور تسير بطريقة مطابقة للسجن الحقيقي .

كيف سيتصرف أعضاء المجموعتين لهذا الموقف ؟ , هل سيتصرفون كما لو كانوا حراساً وسجناء فعلاً ؟ , أم هل ستمنعهم خصائصهم الشخصية ؟ ... للإجابة على هذه الأسئلة العامة تم الإستعداد لإستقاء المعلومات بتسجيلات صوتية وفيديو ومقاييس إنفعالية تُطبق عدة مرات أثناء فترة التجربة ...


لقد اُضطر زيمباردو لإنهاء التجربة بعد ستة أيام فقط من بدايتها , وقد كان مخططاً لها أن تستمر لمدة أسبوعين , والسبب هو أن الموقف بالنسبة للسجناء كان عصيباً للغاية إلى درجة أن خمسة منهم بدأت تصدر منهم إستجابات إكتئاب شديدة وتعبيرات أنفعالية شديدة كالبكاء بحرقة والغضب والقلق الحاد , وأضطر المجرب إلى إخراجهم قبل غيرهم , أما الحراس فقد أزدادت درجة عدوانيتهم الجسدية واللفظية بمرور الوقت , وتصرفوا بقسوة بالغة مع السجناء .

وقد علق عدد من العلماء والباحثين على هذه التجربة بالقول ( إن أكثر ما كان درامياً ومضايقاً بالنسبة لنا هو ملاحظة سهولة إستثارة السلوك السادي من من أفراد لم يكونوا من النوع السادي , وملاحظة تكرار حدوث الانهيارات الانفعالية عند رجال إختيروا بالتحديد بسبب إستقرارهم الانفعالي ) . و السادي هو : الذي يتلذذ بإذاء الآخرين .

ومما سبق نلاحظ أن مجرد الوصول إلى مركز سلطة يؤدي في الكثير من الحالات لإنبعاث الروح السادية والمتلذذة بالإذاء الشرس للآخرين أو التابعين ... وهذا ما يعطينا إجابة على سؤالنا الفرعي ( إلى أي درجة قد يصل الإنسان في العنف حين يتولى سلطة ؟ )

وهذا ينقلنا لسؤال آخر , فقد يقول قائل : قد يكون ذلك فيمن يتولى سلطة , ولكنه بالطبع لن يستطيع ممارسة سلوكه العنيف دون غيره من أتباع , فهل سيطيع أولئك الأتباع _ قد تكون أجهزة دولة وأستخبارات _ أوامر سيدهم العنيفة ؟

أو بصيغة اُخرى , إلى أي حد يُطيع الفرد شخصاً آخر ذو سلطة معينة في الوقت الذي يناقض سلوكه هذا قيم أو مبادىء يعتنقها ؟

الطاعة
هذا السؤال كان نقطة إنطلاق دراسات الطاعة التي قام بها ميلغرام والتي طغت شهرتها في أمريكا واوروبا على أي دراسة اُخرى , وكان المفحوصين من مهن مختلفة أتو للمشاركة بعد إطلاعهم على إعلان عن تجربة جديدة تجرى في قسم علم النفس بجامعة ييل , وبعد أن يصل المفحوص ويستقبله ميلغرام بقميصه المختبري الأبيض , ويُقدمه لمفحوص آخر ( وهو في الحقيقة ليس مفحوصاً بل متعاون مع ميلغرام ) يشرح لهما أن هذه التجربة تتطلب أن يكوم أحدهما بدور " المُعلم " وأن يقوم الآخر بدور "المُتعلم " الذي مهمته تعلم الربط بين قائمتين من الكلمات , ثم يطلب كل منهما أن يأخذ ورقة مطوية ستدد الدور الذي سيقوم به . يأخذ المفحوص ( المتعاون ) ورقته ويقرأها قائلاً أنه حصل على دور المتعلم ( والحقيقة أنه الدور المحدد للمتعاون دائماً ) , بينما المفحوص الحقيقي دوره دائماً المُعلم , ويشرح ميلغرام بعد ذلك طريقة التجربة , وهي أن يوجه المعلم صدمة كهربائية كلما أخطأ المتعلم , بحيث تزيد قوة الصدمة مع كل خطأ , بادئاً بصدمة قوتها 15 فولت ثم 30 ثم 45 حتى تصل إلى 450 فولت . ويُطلب ميلغرام من المعلم أن يجرب الإحساس بصدمة كهربائية خفيفة ( 45 فولت ) , ثم يضع مليغرام مرهماً على معصم المتعلم ويربط عليه قطباً كهربائياً ويقود المُعلم إلى مولد كهربائي به عدة أزرار كُتب عليها عبارات تبين قوة الصدمات المرتبطة بها مثل : "صدمة خفيفة" " صدمة قوية جداً" , وهكذا حتى تصل إلى علامة خطر الوفاة XXX تحت الأزرار الدالة على قوة الصدمة من 435 إلى 450 فولت .



وتبدأ مهمة التعليم المزعومة , وكلما أخطأ المتعلم طلب مليغرام من المعلم أن يوجه للمتعلم الصدمة المفروض توجيهها , وعندما يضغط المعلم على أحد الأزرار فإنه يرى ضوءاً ويسمع صوت تلاحم الأقطاب الكهربائية , وكلما تقدم في قوة الصدمة تزداد قوة هذا الضوء والأصوات , كما ويبدأ بسماع تعبيرات الألم الصادرة من المتعلم , وإذا تردد المُعلم في توجيه الصدمة الأعلى من السابقة يقوم مليغرام بترديد عبارات مثل " التجربة تتطلب منك المواصلة " أو أرجوا أن تواصل " أو " إنه من الضروري جداً أن تواصل " , ويبدأ المعلم بسماع تعبيرات ألم شديدة وخوف صادرة من المتعلم عندما تصل قوة الصدمة الموجهة إلى 80 فولت , ثم عبارات رجاء بوقف التجربة أو الشكوى من أزمة قلبية حادة وغيرها من إستجابات الألم الشديدة , حتى إذا وصلت الصدمة إلى درجة عالية توقف المتعلم عن أي إستجابة ( وكأنما أصابه الإغماء أو إيحاءاً بالوفاة ) . وبالطبع المتعلم ماهو إلى ممثل بارع , ويساعده في ذلك متطلبات الموقف .
ماهي توقعاتك عن درجة الصدمة التي كان المفحوص ( المعلم ) على استعداد لتوجيهها للمتعلم ؟ ... قد تتوقع أن الغالبية سيتوقفون قبل أن يوجهوا صدمة بقوة 70 فولت , ربما لأنك جربت الصدمة التي قوتها 45 فولت , وقد كان هذا رأي 110 خبير مختلفي التخصصات في السلوك البشري , ولقد أجابوا بأن الإنسان الطبيعي والسليم لن يصل إلى توجيه صدمة بقوة 450 فولت مهما كانت الضروف . وتوقعوا بأن 10% فقط سيوجهون صدمة بقوة 180 فولت .

كيف كانت النتائج ؟!

لقد كانت فاجعة ، حيث أن المفحوصون أقدموا على توجيه صدمات كهربائية للمتعلم أقوى بكثير مما توقعه الخبراء المحايدين , وبينت النتائج أن الجميع أطاعوا ميلغرام في توجيه صدمات بلغت قوتها 195 إلى 240 فولت , وأن حوالي 86% منهم أطاعوه حتى فئة الصدمات التي تتراوح قوتها بين 255 و 300 فولت , وأن 65% منهم لم يكن لديهم مانع من طاعة مليغرام في توجيه صدمات كهربائية بلغت قوتها 435 إلى 450 فولت .

ولقد اُعيدت التجربة في دول اوروبية عديدة وكذلك في الاردن , وأتفقت نتائجها مع نتاج تجربة مليغرام في امريكا .

ليست هذه النتيجة فقط , بل إن الجميع عدى شخص واحد نادم , ذكروا بعد التجربة بأنهم لم يكن لديهم أي مشكلة في المشاركة ( أي لم يندموا على ما قاموا به بتاتاً ) .

هذا الامر يشير بوضوح الى تأثير المضمون المسبق للدور على تصرفات الانسان تجاه الاخرين وعلى سهولة الوقوع في اسر الدور المناط بنا  كآباء وامهات وازواج وموظفين وعسكريين، الامر الذي يرفع من اهمية التعليم والتعليمات والوعي.

lördag 8 oktober 2011

البارابسيكولوجي هل هو علم؟



jordbavning_sheldrake.jpg
عام 2003 قام البيلوجي Rupert Sheldrake بتجربة مسجلة مباشرة لصالح التلفزيون لمعرفة فيما إذا كانت هناك حقيقة في الادعاءات الشهيرة عن معرفة من الذي يخابر قبل رفع السماعة. Colleen Nolan هي التي تجلس قرب التلفون بإنتظار ان يرن. على بعد كيلومتر توجد اختاها حيث احداهن هي التي ستخاطبها، وعليها ان تحزر ايهن قبل ان ترفع السماعة. هذه التجربة كانت محاولة لكشف مدى صلاحية مايسمى parapsykologi, كعلم علناً، وهو علم يدعي دراسة الظواهر البسيكولوجية التي لايمكن تفسيرها من خلال النظريات العلمية السائدة.

ممارسة العلنية في التعاطي مع parapsykologi امر ضروري لكونه " علم" يواجه شكوكا كبيرة في الاوساط العلمية في العالم، بالرغم من ان 50% من شعب الولايات المتحدة والكثير من شعوب العالم يؤمنون بوجود " الحاسة السادسة". حسب الساحر البريطاني والبروفيسور في البسيكلوجيا Richard Wiesman, لايتعدى الامر خداع النفس، إذ نحن نتذكر فقط المرات القليلة التي توفقنا فيها ولكن ننسى مرات الفشل العديدة.

في التجربة التلفزيونية تتوفق Colleen Nolan في ان تذكر الاسم الصحيح ستة مرات من اثنى عشرة، بمعدل 50% بالرغم من ان نسبة الاحتمال الاحصائية لاتزيد عن 25% اي واحد من اربعة. Sheldrake كان مضطرا للاعتراف بأن التجربة يمكن اعتبارها تعبير عن وجود توارد الخواطر (التيليباتي)، وهو قد دعم هذا الاستنتاج بنتائج 850 تجربة سابقة. مجموع التجارب تشير الى ان القائم بتحقيق توارد الافكار توفق بالاجابة الصحيحة بنسبة وصلت الى 42% عندما واحد من اربعة خابروا. ان تكون هذه النسبة من التوفيق حدثت بالصدفة هو احتمال صغير، ومع ذلك لم تقنع النتائج اغلب المتشككين.

Poi_circle
إذا كان للمنضوين تحت parapsykologi ان يأملوا ان يصبحوا فرعا من الفروع العلمية المعترف بها عليهم تقديم براهين علمية صلبة. لهذا السبب اضطر الكثيرون من الباحثين لدخول المختبرات الحديثة لقياس النشاط الدماغي. والنتائج كانت مثيرة للغاية، إذ ان بعض المعطيات تشير فعلا الى تطابق في النشاط الدماغي بين المرسل والمتلقي.

البسيكولوجي Marios Kittenis وزملائه من العاملين في جامعة ايدينبورغ السكوتلاندية قاموا بفحص الموجات الدماغية عند الاشخاص الذين قاموا بمحاولة الوصول الى مستوى توارد الخواطر. الموجات الدماغية عبارة عن نتائج نشاط الخلايا العصبية وهي اشارات كهرمغناطيسية قصيرة في اللحاء الدماغي. هذه الاشارات يمكن قياسها بواسطة EEG (electroencefalografi).
في التجربة التي قام بها كيتينيس جرى توزيع المشاركين الى مجموعات من شخصين، احدهم سيكون المرسل والثاني المتلقي. كل واحد منهم وضع في غرفة منفصلة لايستطيع السماع او الرؤية من خلالها. على طول ربع ساعة جرى تعريض المرسل لمرات متقطعة غير منتظمة لضوء، في ذات الوقت الذي كانت تجري فيه قياسات لنشاطات كلا الدماغين عند المرسل والمستقبل . لقد اظهرت القياسات انه عند تحفيز دماغ المرسل يتزايد النشاط الدماغي عند المتلقي ايضا في مركز البصر بالرغم من انه لم يرى الضوء. احتمال الصدفة في هذه الظاهرة اقل من 1/100.

من اجل المزيد من التأكد وضع الباحثين خمسة متلقيين في غرفهم واخبروهم ان هناك مُرسِلين في الغرف الاخرى. في الحقيقة لم يكن هناك مرسلين على الاطلاق، وعلى الرغم من القيام بإشعال الضوء واطفائه في غرف المرسلين كما لو انهم فعلا كانوا موجودين، إلا انه لم يحدث نشاط موازي في ادمغة المتلقين.

تجربة كيتنيس الى جانب بقية التجارب في هذا المجال فتحت الطريق للدخول الى الساحة العلمية. الباحث في مجال البارابسيكلوجيا Dean Radin يشير الى ان العديد من الابحاث الاخرى تؤكد هذه المعطيات. في هذه الابحاث تتدخل دراسة النبض وقدرة الجلد على نقل الكهرباء عند الاشخاص المشاركين بالتجارب.

عند مجموعة من الباحثين بقيادة البروفيسور في الراديولوجي، Todd Richards من جامعة واشنطون في سيتله الامريكية قام بالتعاطي مع المشكلة من زاوية اخرى. بعد ان قام بقياس النشاط الدماغي كما جرى في التجارب السابقة اختار الشخصين الذين قدموا افضل المعطيات. هذان الشخصان جرى فصلهم عن بعضهم، وخلال رؤية "المرسل" لصورة رقعة شطرنج على شاشة الكمبيوتر جرى تصوير دماغ المتلقي بالاشعة المغناطيسية (fMRI). هذا النوع من التكنيك يرينا النشاط في مختلف اقسام الدماغ، وتوزيع الدم في الدماغ الذي يزداد عندما تكون الخلايا العصبية نشيطة.

التصوير اظهر ان هذا النوع من الاشارات يتناقص في حجمه في مركز البصر عند المتلقي، في اللحظة التي يحاول فيها المرسل ارسال صورة رقعة الشطرنج عبر التوارد. في حالات الرؤية العادية يتحفز نشاط هذه الاشارات ولايتناقص. غير ان الباحث يشير الى ان التناقص يمكن ان يكون بسبب ردة فعل المتلقي للرسالة المرسلة التي تختلف عن ردة الفعل عند الرؤية. وبغض النظر عن العلاقة فأن العلماء يقفون امام ظاهرة محيرة.

الباحثين ينبهون الى ضرورة الحذر في التسرع بالاستنتاجات ويشيرون الى ضرورة القيام بالمزيد من الابحاث لضرورة الاظمئنان. الباحثين يؤكدون جزئيا صحة النتائج لكون معطيات احدى التجارب لم تدعم البقية. ومع ذلك لاينفي العلماء وجود شئ ما.

jeanne.jpg
الباحثة الامريكية Jeanne Achterberg وهي بسيكلوجية من معهد سابيروك في كاليفورنيا قامت بتجربة مثيرة. لقد دعت اثنى عشرة شخصا وطلبت منهم ان يصحب كل منهم معه شخص قريب الى نفسه. الشخص المصحوب وضع تحت المراقبة التصويرية لدماغه، في حين ان بقية المدعوين جلسوا في غرفة اخرى الى جانب الباحثة، وعند ايعازها قاموا بمحاولة ارسال رسائل فكرية الى اصحابهم. التصوير اظهر ان العديد من المناطق الدماغية جرى تحفيزها عند حصول محاولات الاتصال. احتمال ان يكون الامر صدفة هو 2/10000

إذا وثقنا بهذه المعطيات فذلك يعني ان العلماء يقفون امام معضلة التوضيح. حتى لو قام شخصين بضغط رأسهم على بعضهم البعض فأن الحقل المغناطيسي الناشئ ليس من القوة بمايكفي للتأثير على الدماغ الاخر، حسب توضيح البروفيسور John Jeffreys, من جامعة برمنغهام البريطانية.

في الوقت الذي لازال العلم الكلاسيكي يفكر في الموضوع يتقدم باحثي الباراسيكلوجي بتقديم مفهوم جديد entanglement, او الترشيح الذاتي، وهو مفهوم مقتبس عن الفيزياء الكفانتي (الكمي). بإختصار يمكن عرض المقصود ان جزيئين مرشحين ذاتيا يمكن ان يؤثروا على بعضهم البعض في لحظة ما، بغض النظر عن المسافة بينهم. حسب بعض البارسيكولوجيين فأن الترشيح الذاتي موجود ايضا في المستوى البيلوجي وبالتالي يمكنه ان يفسر ظاهرة التوارد، خصوصا عندما يكون الشخصيين المعنيين قريبين من بعضهم البعض مثل الام وابنها. الباحث Dean Radin يعدنا بأن هذه الفرضية سيمكن البرهنة عليها قبل عام 2011.

الكثير من علماء الفيزياء يرفضون هذه الفكرة انطلاقا من ان هذا المفهوم لايخص المنظومة البيلوجية. المتشككيين يشيرون الى ان جميع الحجج قائمة على اعتقادات لارابط بينها غير السعي لاعطاء الباراسيكولوجي ظل من العلمية. ان يكون فيزياء الكفانت مفسر او لايكون مرتبط بالدرجة الاولى في ان تكون هناك ظاهرة حقا تحتاج الى توضيح، حسب مااشار العالم Rupert Sheldrake, والذي يؤكد ان الطريق الوحيد للبرهنة على وجود الظاهرة يمر عبر المختبرات التجريبية.

حتى اليوم تبقى افضل مالدى اتباع الباراسيكلوجية هي تجربة "نقل الصورة" المسماة بتجربة Ganzfeld. وهي كلمة المانية تعني "كامل الحقل" وتقصد ان الشخص الخاضع للتجربة يجري عزله بشكل كامل. في التجربة يقوم الباحث بعرض صور لاعلى التعيين الى الشخص المرسل والمتلقي في غرفة اخرى. المتلقي بدوره يقوم بإختيار الصورة المعنية من بين اربع صور احداهم الصحيحة. احتمال الوصول الى الصح من خلال التحزير هو 25%. التحاليل لجميع التجارب التي جرت بهذه الطريقة وصلت الى ان نسبة الوصول الى الحل الصحيح في المتوسط كانت 32%. احتمال ان تكون هذه النتائج فقط من خلال التحزير امر قليل الاحتمال. باحثين اخرين اثبتت معطياتهم ان المتلقي قام بالتحزير فقط. الناقدين يشيرون الى ان النتائج تختلف من تجربة الى اخرى كما ان المعطيات تتأثر بإيمان الباحث نفسه.

بالاختصار نستعرض حجج كلا الطرفين:

 المعارضين الموالين
النتائج دائما صغيرة، إذا كانت اصلا موجودة النتائج صغيرة ولكنها مؤكدة احصائيا
من النادر اعادة الحصول على النتائج البعض اكثر تقبل من غيرهم، والظاهرة بطبيعتها ضعيفة
اغلب الباحثين يؤمنون مسبقا بالظاهرة التي سيدرسونها ولذلك ينشرون النتائج الايجابية فقط المختصين بالباراسيكلوجي يقومون بجهود اكبر لكونهم يعلمون انهم مطالبين ببراهين اكثر ومراقبين اكثر
البارابسيكلوجي بحثت منذ عصور عن نتائج مقنعة قوة توارد الخواطر لاتعمل من خلال الامر والتنفيذ
البارابسيكولوجي علم ذاتي لعدم قدرته على  عرض الظاهرة ووضع فرضية يمكن فحصها البارابسيكلوجي علم تام طالما ان اتباعه يستخدمون الطرق العلمية قائمة على المنطق والطرق التجريبية



مصادر:
Rupert Sheldrake
Marios Kittenis
Telepathy Confirmed In Recent Tests
Todd Richards
fMRI Research

tisdag 4 oktober 2011

المصدر السومري لله، ودور اللغة في خلق المفاهيم

لااحد يعلم من اين جاء السومريين الى ارض الرافدين، وفي الحقيقة السؤال لاقيمة تاريخية له، إذ على الدوام بالامكان السؤال من اين جاؤوا الى المكان الذي جاؤوا منه ثم الذي قبله ثم الذي قبله، غير ان اهمية الامر نابعة من اسباب قومية ودينية في العقل العربي الحديث.

مايتفق عليه المختصون ان السومريين ليسوا من قبائل جاءت من شبه الجزيرة، هذا الاستدلال بالذات بسبب عدم ارتباط اللغة السومرية باللغات الجزيرة، بما فيه باللغة العربية الحديثة ولغة القرآن، على العكس من لغات القبائل اللاحقة التي توالت على ارض الرافدين، إذ انها جميعا لها جذور لغوية سامية.

بعد السومريين الغير ساميين جاء الاكديين الساميين، وهي قبائل انحدرت من شبه الجزيرة. في البدء تعايشوا جنبا الى جنب مع بعض، ليتعلم الاكديين لغة السومريين ويستخدموها الى جانب لغتهم، لهذا السبب نجد ان الاكديين كانوا مضطرين الى كتابة كتبهم باللغتين في آن واحد، لتصبح كتاباتهم اول معاجم لغوية في العالم.

وبفضل معاجمهم نستطيع فهم اللغتين والثقافتين بالمقارنة بينهم. مع مرور الوقت نجد ان الاكديين اقتبسوا نظام السومريين الديني وآلهتهم وميثالوجيتهم وطقوسها ومعها الكثير من كلماتهم الدينية لتصبح جزء من اللغة الاكدية. من ضمن هذه الكلمات الكلمة التي انحدر عنها كلمة الله الحالية، بمعنى ان جذر الله ليس من اصول سامية اساسا.

وبعد الاكديين جاءت ايضا موجات جديدة من الهجرات السامية من شبه الجزيرة وبدورها انصهرت في ثقافة المنطقة المتفوقة وذات الاصل السومري، على الرغم من ان قبائل المهاجرين كانت الاقوى عسكريا وهي التي استولت على السلطة السياسية. في النتيجة نجد ان آلهة السومريين الغير سامية ولاهوتهم اللغوي هما اللذان بقيا احياء عبر العصور وحتى بظهور الابراهيميين، لينتصر معهم احد ارباب السومريين القدماء معلنا نفسه الاله السماوي المقدس الاوحد ومنقلبا على اشقائه وشقيقاته، مستوليا على العرش.

في النصوص الاكدية والسومرية نجد اصول العديد من اساطير الاولين التي اوردها القرآن، على إعتبارها احسن القصص، ومنها قصة الخلق من طين وقصة الطوفان واصول عبودية الانسان للالهة ومبررات القربان والدعاء والطقوس، بما فيه مفهوم بناء بيوت الله.

في مقال للدكتور السوري عبد الرحمن السليمان المتخصص في الساميات يطرح نص
بابلي صغير مع شرحه، اختاره من قانون حمورابي (المادة السادسة)، يقول:

6. شُمَّ أَوِيلُم نَمْكُور إلِم وإِيكَلِم يِشْرِقْ، أَوِيلُم شُ يِدَّقْ، و شَ شُرْقَم إِنَ قَاتِشُ يِمْخُرُ يِدَّقْ.


الترجمة الحرفية له:
"إذا سرق رجلٌ رزقاً لإله أو من هيكلٍ، يُقتل ذلك الرجل، ويُقتل كلُّ مَن استلم من يده شيئاً مسروقاً".

ولكنه يقدم لنا ايضا شرح لغوي مفصل للنص فيقول:

شُم:ّ حرف شرط. أَوِيلُم: "رجل"، اسم نكرة مرفوع، مشتق من الجذر "أول". وكان في المجتمع البابلي ثلاث طبقات: طبقة الأحرار (أَوِيلُم)، طبقة الفلاحين (مُشْكِينُم) وطبقة العبيد (وَرْدُم من الجذر "ورد"). نَمْكُور: "رزق، مال، متاع"، والكلمة سومرية. اسم منصوب مضاف، وتحذف الحركة في المضاف في الأكادية.
إلِّم: "إله"، ويجانس في العربية "إلٌّ" بنفس المعنى. اسم نكرة مضاف إليه.
[لكلمة "إله" في اللغات السامية جذران اثنان هما: الجذر الأول: إلٌّ (ill-um) الأكادية: إلٌ (= ill-um)، العبرية: אל (= īl)، الفينيقية والأوغاريتية: إلّ، السريانية: ܐܠܐ (=ellā)، العربية: إلٌّ. (انظر معنى "إلٍّ" في الآية الكريمة: لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذِمة. (10:9) وكذلك معنى قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه عندما تُلي عليه بعض من "وحي" مسيلمة الكذاب: "إن هذا لشيء ما جاء به من إلٍّ" ).
ويؤنث هذا اللفظ في العربية على : إلَّةٌ (= illat-un) ومنه جاء اسم الصنم "اللات"). ومنه اسم مدينة "بابل" بالأكادية: "باب إلّيم" (= Bāb Ill-īm) أي "باب الآلهة". ويرد الاسم في العبرية كثيراً في أواخر الأسماء مثل إسماعيل وميكائيل وإسرائيل، وورد في العربية في أسماء مثل "ياليل" و"شرحبيل".
الجذر الثاني: "إله" (بإضافة الهاء) العبرية: אלוה (= elōah، وانحراف اللفظ في العبرية مصدره انقلاب ألف المد قبل حروف الحلق إلى ōa). وهذا اللفظ نادر الورود في التوراة بالمفرد وكثير الورود فيها بصيغة الجمع هكذا: אלהים (= elōhīm = إلوهيم. ويرى علماء التوراة في جمع اسم الإله فيها مشكلة لاهوتية عويصة ويرى بعضهم أن ذلك "جمع جلالة" أو pluralis majestatis). الآرامية القديمة: אלוה (= elāh)، السريانية: ܐܠܗܐ (=elāhā) "الإله" والألف نهاية الكلمة للتعريف، العربية: إله/إلاه].
وإِيكَلِم: الواو حرف عطف وإيكل: "هيكل"، من السومرية أيضاً، والكلمة نكرة مجرورة لأنها مضاف إليه. يِشْرِقْ: يسرق (الجذر "سرق"): فعل تام.
شُ / شَ: اسم إشارة "ذلك"/ اسم موصول "الذي". يِدَّقْ: يُقتل الجذر "دقق")
شُرْقَم: اسم نكرة منصوب "المسروق"، "الشيء المسروق". إن: مِن. قَاتِشُ: اسم مجرور مضاف إلى ضمير. "يدهُ". قاتُ: "يد"، شُ: ضمير الملك للغائب المفرد. يِمْخُر: استلم (الجذر "مخر
.

ويقول ايضا توضيحا لمعنى الميم :"
احتفظت اللغة الأكادية، بحكم قدمها، بالكثير من خصائص اللغة السامية الأم وهي اللغة التي تفرعت اللغات السامية عنها. فاحتفظت بالإعراب الذي لم تحتفظ به كاملاً إلا الأكادية والعربية مع فارق أن الإعراب في الأكادية يكون بالميم وليس بالنون (التنوين) كما هو في العربية، والإعراب بالميم (تَـمِّيم) هو الأصل في الساميات. ويشار إليه بوضع ميم صغيرة في نهاية الكلم. مثال: مُشْكِينُم (muškīn-um) "مِسكين"، والكلمة من السومرية."

منه نلاحظ اسباب وجود الميم في كلمة إلم الاكدية، ولماذا ستكون إلا في العربية الحالية، كما نرى ان جزء آخر من كلمات السومريين انتقلت الى لغة الساميين الاكديين ومن تبعهم من الساميين، الامر الذي يعطي فكرة عن جذور اللغة العربية ومصادر اثراءها الغير سامي.

غير ان المعضلة ان إل في السومرية، اي في لغتها الاصلية، تعني السيد، وهو المعنى نفسه لكلمة بعل إله الفينيقيين.
ومن حيث ان إله هي احد صور كتابة إل (في اللفظ نجد ان إل تختلف نطقا من منطقة الى اخرى ومن شعب الى اخر لتصبح إلا ، إلاه، اله، إلهو) الامر الذي يصور لنا سهولة تحولها الى الله واللهم والوهيم.
وعندما نقول "الاله بعل" مثلا فذلك سيعني في واقع الحال اننا نقول السيد السيد. ولكون الله هو شتقاق من إل، فسيكون مقارنة الله مع بعل لامعنى له، لانه مقارنة السيد مع السيد. كما ان القول ان الله هو الاله ايضا لن يكون له معنى بالمضمون اللغوي لاصل الكلمات وانما فقط بعد اقتباس نطق الكلمة الاجنبي بدون معناها، لنبني لها معنى تجريدي اخر في ثقافتنا..

غير ان ذلك بالذات، على العموم، يقدم لنا صورة عن الدور الخالق الذي لعبته اللغة عبر تطورها، ليصبح سوء الفهم واقتباس كلمات اجنبية بدون فهم محتواها مصدرا لمفاهيم عقائدية تصبح في اذهاننا موازية للحقيقة المطلقة، فلا حول ولاقوة إلا بإلا

söndag 2 oktober 2011

النبوة ظاهرة دماغية

 ليس من النادر ان يظهر البعض مدعيا النبوة، فقد اعتقلت السلطات السورية اثنين من مدعي النبوة العام الماضي فقط.  هذه الظاهرة يمكن رؤيتها ليس في البلدان الاسلامية فقط بل في جميع انحاء العالم بما فيها البلدان الصناعية المتقدمة، الفرق ان في البلدان الصناعية لايتعرض من يدعي النبوة الى الاختفاء في اقبية اجهزة الامن الى الابد وحتى قبل نعلم فيما إذا كان نصابا ام مريضا ام رسولا، خصوصا ان النصاب لن يجازف بحياته الى هذه الدرجة.

jz.jpg في عام 1977 تلقت مواطنة امريكية الوحي من قوة روحية تدعى Ramtha الذي عاش قبل 35000 سنة . رامزا كان يرسل كلمته وحياً مباشراً منطوقاً على لسان المواطنة الامريكية Judith Darlene Hamptons وبدون المرور بوحي اخر كما في النموذج الاسلامي الكلاسيكي مثلا. جوديث او كما تسمي نفسها مختصرا JZ تعتبر اشهر وحياً ناطقاً للحكمة العليا اليوم. ولكنها ليست الوحي الوحيد المعروف، إذ توجد " قنوات" معروفة اخرى تملئ كتبها المكاتب اليوم مثل Barthholomew, Lazaris, Mission Control.
المميز لكل قوى الحكمة العليا هذه انها تماما مثل رامزا اختارت استغلال الانسان ليكون قنالها الرسمي والناطق بكلمتها الينا، على مايبدو لم تتوصل هذه الالهة الى طرق اكثر فعالية حتى اليوم.

وصايا رامزا الى الانسان تعالج معاني فلسفية قسم منها تطرقت اليه الاديان القديمة وقسم منها جديد مثل معنى الحياة والاخلاق والحب والسلام والبيئة والقوى الكونية ووحدتنا معها.
هذه القيم المطروحة تتوائم وتسايرالمعضلات الحديثة التي تواجهها البشرية اليوم، حيث يحاول رامزا إعادة القليل من السحر الذي فقده عالمنا الحديث المنطقي والمادي.


نصب للرسول بالرغم من ان مفهوم " الوحي" ترتبط جذوره بتحضير الارواح والتنبوء او النبوة المرتبطة عادة بإله كما هو الامر في اليهودية والمسيحية والاسلام وهي حالات عادة لاتتدخل ضمن البحث العلمي غير ان تكرار هذه الظاهرةالمستمر اثار اهتمام العلماء. القوى العليا التي يدعي الاشخاص الذين يحظون بشرف التكلم بالنيابة عنها ليست كلها بالضرورة آلهة كما يمكن ان يعتقد المسلم ، وانما يمكن ان تكون قوى ذات رتبة اقل من رتبة الله، بمعنى ان العالم الاعلى لايملك بالضرورة تركيبة تتشابه مع الصورة التي يطرحها الاسلام والتي تعكس صورة مملكة سماوية تتشابه مع نظام الدولة الارضية حيث الملك يقف في اعلى الهرم يخضع له جهاز بيروقراطي كبير من الملائكة وله جيش ورعايا من العبيد. بعض المعتقدات لاتقوم بخلق مملكة في السماء كما لاتقوم بتفصيل قصة حول توزيع الادوار لقوى السماء. لهذا السبب نجد انه ليس المقصود بالقوة العليا انها "الله" وانما قوة سماوية بدون تعريف وهي ليست بالضرورة واقعة تحت تأثير إله مركزي، وبالتالي فهي لاتنفي آلهة الاخرين، فالسماء تتسع للجميع..



اتباع هؤلاء "القنوات/الرسل" يصرون على وجوب التفريق بين الناطق بالرسالة وبين مرسلها. إنهم يؤكدون ان هذا الاسلوب هو نهج تقليدي للقوى العليا استخدمته على مر العصور. ( هذا يتشابه الى حد ما مع طرح الدكتور احمد صبحي منصور الذي يؤكد على ضرورة التفريق بين كلمة النبي ومضمونها وكلمة الرسول ومضمونها، ولذلك اعتقد ان كلمة رسول تتطابق اكثر مع المقصود من " قناة" في موضوعنا كما اعتقد ان كلمة قناة تعبر نعبيرا افضل من كلمة رسول عن حقيقة الحال)
تماما كما في الماضي يوجد مجالا واسعاً لإستغلال هذا الاسلوب من قبل نصابين من اجل خلق الاتباع والعيش حياة ملؤها السلطة والإمتيازات والنفوذ من خلال خطاب ديني اخلاقي لقي ويلقى بإستمرار قبولا. ومهما كانت درجة صدقهم فأن إمكانية حصولهم على منفعة مادية ومعنوية كبيرة. " قنوات/ الرسل" العصر االحديث تحصل ايضا على منافع إضافية من خلال طباعة الكتب وبيعها والحصول على التبرعات.

JZ ايضا انشأت مدرسة لنشر الدعوة تسمى Ramtha's School of Enlightenment في مدينة صغيرة قريبة الى ولاية واشنطن. غير ان JZ تختلف عن بقية مدعي تلقي الوحي بنقطة مهمة للغاية إنها توافق على الخضوع لاختبارات علمية كاملة اثناء تلقيها للوحي من اجل البرهنة للعالم انها لاتخدع احداً.

Ramtha يتكلم يومياً الى المؤمنين من خلال JZ. علماء الاعصاب والبسيكلوجيين الذين فحصوا " الرسولة " اكتشفوا ان ضغط الدم والتنفس ونبضات القلب قد تغيرت في خلال عملية التلقي. لقد لاحظوا ايضا ان شكلها الخارجي تغيير بشكل كبير: الجسم يتضخم والصوت والحركة تتغير بشكل مثير للدهشة.

وبالرغم كل ذلك ينفي العلماء ان تكون "الرسولة" قناة لقوة عليا فعلا كما تتدعي . الباحثين على قناعة كاملة بأن " الوحي" المرسل من لدن القوة العليا رامزا نشأت في وعي الرسولة نفسها ولكن من الممكن ان تكون الرسولة نفسها غير واعية بذلك. وهي نفسها تعترف بأنها لاتتذكر شئ مما جرى خلال عملية أداء دور الناقل للرسالة المقدسة.

يجد العلماء صعوبة كبيرة في الوصول الى اتفاق حول سبب مقنع يقف وراء هذه الحالة ، ولكن يعتقدون ان JZ لها القدرة على السماح لخصائص اخرى من شخصيتها على البروز والتسييد عندما تكون في دور الرسولة وانها بسبب طغيان التربية والبيئة بالمفاهيم الدينية على نفسيتها ودماغها، يخلق دماغها في اللاوعي دور النبوة ويتلبسه بقناعة كاملة بحيث ان لعبه للدور كان كاملاً وحقيقياً ومقنعاً..


عندما تتمثل JZ دور النبوة تتكلم بلغة اخرى مختلفة تماما عن اللغة التي تتكلم بها في حياتها اليومية. رامزا يوجه خطابه الى العالم بلغة انكليزية قديمة لم تعد مستعملة اليوم . ليس من الغريب ان يكون لانبياء العصر الحديث شخصية مختلفة اثناء قيامهم بمهمتهم كصوت الله الى عامة عباده. هذا الامر ادى بالبعض الى الاعتقاد ان "الرسل" مصابين بإنقسام الشخصية ومع ذلك لم يستطع العلماء ايجاد مايشير الى وجود مرض نفسي لديهم، خصوصا وان رسالتهم تملك بنية متماسكة ومنطقية وذات جذور اخلاقية وانسانية عالية المستوى.


الرسائل المنزلة يمكنها ان تملئ آلاف الصفحات وآلاف الاشرطة، عندما يجري كتابتهم في صحف محفوظة. مختصي الاديان يشيرون الى ان مضامين هذه الرسائل تحتوي الكثير من النصائح والارشادات العامة وفلسفة عن الحياة ولكنها تبتعد عن الاشارة الى المرسل ومواصفاته . ومن المثير ان هذه "القوة العليا" لها خاصية الرغبة بتكرار اقوالها بدون انقطاع بشكل يذكرنا ببعض الاديان الاخرى.

كما انه من الملاحظ ان الرسالة تستخدم مشاكل العصر وردود فعل الانسان الحديث عليها. في رسالة "رامزا" يجد المؤمنين اجوبة بسيطة وسهلة على الاسئلة الكبيرة والمعقدة مما يجعل الحياة اكثر بساطة. وكما يلاحظ الدارسين فأن الرسالة لاتنطلق من اسلوب معيشة المؤمن، وانما من افكاره المثالية الموجودة مسبقا في عقله والتي يسعده سماع قصيدة مثالية عن السعي اليها وحلم تحقيقها وانتصارها.


Helen Schucman من الولايات المتحدة احدى هؤلاء الرسل. رسالتها كانت تأتي اليها من روح المسيح. في الرسائل التي اوحيت اليها والمؤلفة من 622 صفحة نجد ان ملخصها يتتضمن الدعوة للتخلص من الانانية وحب الذات. وتشير الى ان كون الذات الانسانية مختلطة مع الانانية يجعلها ترى العالم كساحة حرب للوصول الى المنفعة الذاتية على حطام الاخرين. فقط من خلال التخلص من الانانية يمكننا رؤية جوهر روحنا التي تشكل جزء من روح الله وبالتالي الحقيقة التي خلقنا من اجلها.

Georg King الانكليزي أنشأت رسالته مجتمعا دينيا جديدا بإسم Aetherius Society ، بالرغم من انها صادرة ليست عن قوة سماوية عليا وانما اوحيت اليه من كائنات اكثر تتطوراً تحيا على كواكب اخرى. والرسالة تتضمن مبادئ اخلاقية عن كيفية التمكن من الحياة مع بعضنا البعض في سلام وانسجام والحفاظ على تقاليد روحية تسمو بالانسان بدون الحاجة الى الخرافات والخلق.

يعتقد المحللين ان نجاح هؤلاء الانبياء في الحصول على الكثير من المستمعين مرتبط بأن الوحي الالهي قادم من داخلنا ليعبر عن احلامنا وليحقق تمنياتنا الارضية التي فشلت الاغلبية في تحقيقها بطريقة اخرى.

وفي دراسة اخرى اجراها الدكتور ماريو بورغار من جامعة مونتريال الكندية وجرى نشرها في مجلة "نيوروساينس ليتر"، ان المعايشة الروحية تحرك عدة مناطق في الدماغ. وقد جرت التجربة على 15 راهبة من الراهبات الكرمليات اللواتي ينصرفن الى التأمل، وتتراوح اعمارهن مابين 23-64 سنة.

والتجربة كانت من خلال دراسة انشطة دماغهن بواسطة التصوير بالرنين المغناطيسي (ام أر آي) بينما كانوا يحاولون تكرار تجربة روحية قاموا بها سابقا، وتهدف الى دراسة فرضية قديمة تقول ان هناك منطقة تتحكم بالايمان اطلق عليها " نقطة الله" وقد اشير الى انها تقع في المنطقة الامامية من الدماغ.

وقامت الفرضية على إدعاءات المصابين بالصرع ، يعانون من خلل في المنطقة الصدغية، من انهم يعايشون تجارب روحية، لتنتهي التجربة الى التأكيد على ان المعايشات الروحية تسبب نشاط في العديد من النقاط ولاتقتصر على نقطة واحدة.

وقال الباحث انه عطل المناطق المتصلة بالذاكرة حتى لاتكون هناك تأثيرات واعية على المعايشة الروحية، وقال:" ان الراهبات شعروا انهن منجذبات الى شئ اكبر منهن". ولاحظ الباحث نشاطات في منطقة الانفعالات وهي منطقة تخص الجسد، ويتطالبق مع قول الراهبات ان احساسهن بأجسادهن تراجع اثناء الاختبار. كما لاحظ تباطئ مستوى الموجات الدماغية وكشف موجات " ثيتا" وهي موجات بطيئة سجلت لدى الرهبان البوذيين عندما يكونون في حالات تأمل، مما يشير الى ان الحالة نفسية ومتعلقة بكافة المعايشات الروحية بغض النظر عن اسمها.

وقد عرضت البي بي سي فيلما عن اشخاص يشعرون انفسهم على علاقة مباشرة مع الله وانهم مختارون من لدنه، اليكم الفيلم:لرؤية الفيلم اضغط هنا



مصادر:
Ramtha
Helen Schucman
Aetherius Society
هل هناك موقع الله في الدماغ؟

لماذا يمكن المعالجة بالقرآن؟

الايمان بالوهم يشفي المريض
  في القديم كان هناك شامانات وكهنة تعالج المرضى بقوة الايمان بالوهم ( الذي يأخذ اشكالا مختلفة) بكفائة عالية لازالت تدهش العلماء حتى اليوم. بعض هذه الفنون حفظتها لنا الذاكرة وبعضها الاخر لازال حيا برجاله في بعض المناطق بصورته القديمة او تحت اسماء جديدة كرجال دين.
اصبح من الواضح ان الايمان يؤدي الى الشفاء ويعزز التأثير الايجابي للدواء حتى ولو كان الدواء ليس إلا كذبة كبيرة، إذ ان الايمان وحده بصحة الدواء كافي في اغلب الاحيان للشفاءالامر الذي يوضح الانتشار الواسع للايمان وضرورته الحيوية لصحة الانسان بغض النظر عن مصدره. . هذا مااظهرته على اي حال العديد من الاختبارات لظاهرة اطلق عليها Placebo effect.

كانت التساؤلات كثيرة عند الاطباء حول ما يظهر وكأن الدواء الكاذب له من الفعالية ماتعادل الدواء الحقيقي. لفترة طويلة كان الظن ان قدرة الدماغ على التصور هو السبب الذي يجعل المريض يعتقد انه اصبح في حال افضل، غير انه الان يوجد مايثبت ان الجسم والدماغ يتفاعلان فعلا فيزيائياً وان الايمان بالوهم المسمى Placebo يمكنه ان يكون سببا في نشوء التفاعلات البيوكيميائية ذاتها التي يسببها الدواء الحقيقي.

نحن نعرف مثلا ان الم الرأس يزول بعد بضعة دقائق من استخدامنا لدواء مزيل لوجع الرأس بفضل المادة الفعالة في الدواء مثل acetylsalicylsyra & paracetamol.
ولكن هذا ليس كل الحقيقة، إن توقعنا اللاواعي بأن الالم سيزول قريباً عامل بحد ذاته من القوة الى درجة انه وحده كافي لتحقيق امنيتنا بزوال الالم.


حبوب السكر تزيل الالم Placebo effect عام 2005 نشر العالم Jon-Kar Zubieta من جامعة ميتشيغان الامريكية نتائج تجاربه. لقد قام بإعطاء مجموعة من اربعة عشر شاباً معافي حقنة مؤلمة من الماء المالح في الحنك ثم دعاهم لوصف الالم الذي شعروا به. التجربة ذاتها اعيدت معهم مرة اخرى ولكن في هذه المرة قيل لهم انهم سيحصلون اولا على حقنة لمنع الالم. مالم يكونوا يعلموه ان الحقنة المانعة للالم تتكون في الواقع من محلول سكري لاغير. لقد اظهرت التجربة ان الاشخاص الذين حصلوا على حقنة الوهم اصبحوا قادرين على تحمل كمية اكبر من محلول الماء المالح قبل الوصول الى نفس المستوى السابق من الشعور بالالم.

الايمان بأنهم قد حصلوا على حقنة مخففة للالم رفعت قدرتهم على التحمل، وأكدت وجود Placebo effect. لم يكتفي Jon-Kar Zubieta بذلك بل قرر معرفة ميكانيزم عمل Placebo effect. العالم الشاب قام بتصوير الدماغ خلال التجربة بأكملها لمعرفة التغييرات التي تحدث على الدماغ لمنع الالم. لقد تمكنوا من قياس كمية المادة المسماة endorfin التي يفرزها الدماغ لتخفيف الالم، وتتشابه الى حد كبير مع المورفين.

التصوير اشار الى ان الدماغ افرز من مادة ايندورفين كمية اكبر عند إعطاء حقنة الوهم وان هذا الايندورفين أثر على اربع مناطق من مناطق الدماغ. هذه المناطق معروفة سابقا للعلماء بكونها المسؤولة عن معالجة مشاعر الالم والتحكم بها. ثلاثة ارباع اشخاص التجربة عايشوا تأثراً واضحاً بالوهم، حيث شعروا بألم وانزعاج اقل.

التجربة اظهرت ان الامر ليس مجرد " إعتقاد" شخص التجربة بأن الالم اخف، بل ان الدماغ فعلا جرت به تغييرات فيزيائية ادت الى تخفيف مشاعر الالم.


معالجة مرض الباركينسون
PET-scan احدى الامراض التي اظهرت الاختبارات انه من الممكن معالجتها " بالوهم" هو المرض المسمى Parkinson, وهو مرض عصبي يؤثر على العضلات التي تبدأ بالارتجاف والتحرك ببطء وقلق ، ولذلك ليس من الغريب ان البعض كان يعتقد ان الشيطان او الجن يسكنون في جسم المريض. المرض يحدث عندما تموت مجموعة من خلايا الدماغ المنتجة لمادة الدوبامين . الدماغ يحتاج طول الوقت الى هرمون الدوبامين من اجل التحكم بحركة عضلات الجسم، وعندما لاتكفي كمية الهرمونات المتوفرة يفقد المرء القدرة على التحكم باللحظة الحركية التي لم يتوفر بها الهرمون. الكثير من التجارب اظهرت ان مريض Parkinson الذي يحصل على حبة من الكلس العادي او حقنة ماء مالح، اي بدون فعالية كيميائية، وفي نفس الوقت يسمع انه قد حصل على دواء فعال ضد المرض الذي يعاني منه، يحصل تحسن واضح.
من اجل فهم اسباب هذا التحسن في حركة العضلات يستخدم العالم الكندي Raúl de la Fuente-Fenádez من جامعة بريتيش كولومبيا الكندية تصوير دماغ المريض بواسطة PET-scan ، التي لها القدرة على قياس درجة انتاج الدوبامين في اعماق الدماغ.

التصوير اظهر ان العلاج بالوهم ادى الى زيادة افراز الدماغ لمادة الدوبامين بمعدل 20%، وانه هناك ارتباط مباشر بين زيادة الدوبامين وبين تحسن الحركة عند المريض. في التجربة المقارنة يبدل الباحثين الدواء الوهمي بدوائين حقيقيين معروفين وموثقين هم levodopa & apomorfin. ولدهشة الباحثين ظهر ان العلاج بالوهم اجبر الدماغ على افراز الكمية ذاتها من الدوبامين كالتي يفرزها عند العلاج بالدوائين الحقيقيين الاخرين.

وبالرغم من ان كلا العلاجين ادوا الى اجبار الدماغ على إفراز الكمية نفسها من الدوبامين كان من الممكن الاعتقاد ان كلا الطريقتين سيصلوا الى الهدف بطريقين مختلفين، مثلا ان الدواء الحقيقي سيقوم بالتأثير فيزيائيا ومباشرة في حين علاج الوهم سيؤثر بطريقة غير مباشرة عن الطريق النفساني مثلا. عندها سيكون من الممكن التصور ان الدواء الحقيقي سيقوي من تأثير دواء الوهم.

من اجل التأكد من مدى صحة هذا السيناريو قام الباحث Raúl de la Fuente-Fenádez بإعطاء المرضى علاجا وهمياً وعندما كا التأثير في اقصاه قام بحقنهم بدواء apomorfin. عند اغلبية المعالجين لم تقدم دفعة الدواء اي إضافة ملحوظة لاعلى مستوى تحسين حركة العضلات ولا على مستوى فرز الدوبامين. بمعنى اخر قام العلاج بالوهم بكل مايمكن القيام به، وبالتالي لربما ان الادوية هي التي تتكون فعاليتها كتعبير عن تأثير الوهم في الدماغ وليس بسبب المادة التي يعتقد انها الفعالة.


خاصية العلاج بالوهم يمكن تعطيلها الجملة العصبية عالم الاعصاب الايطالي Fabrizio Benedetti من جامعة تورينو بحث فترة طويلة على ظاهرة تأثير الايمان بالوهم على تخفيف الالم. النتائج تشير الى انه في بعض الحالات ومن الناحية البيوكيميائية يتشابه Placebo effect مع المورفين. من اجل ان يكون المورفين قادر على ايقاف الشعور بالالم، عليه ان يرتبط مع روابط خاصة في الدماغ. هذه الروابط يمكن تعطيلها بواسطة مواد كيماوية اخرى مثل naloxon, وبالتالي تعطيل فعالية المورفين. بمعنى إذا قام المريض بتعاطي الناليكسون الى جانب المورفين، لن يتمكن من تخفيف الشعور بالالم.

Benedetti استطاع ايضا ان يبرهن على ان تعاطي naloxon يمكنه ايضا ان يحجب تأثير دواء الوهم الايجابي. في الاوضاع العادية يمكن لحقنة من الماء المالح ان تزيل الالم عند المريض الذي يؤمن ان الحقنة تحتوي على مورفين لإزالة الالم. ولكن إذا تم حقنه في نفس الوقت وبدون ان يعلم بحقنة اخرى من نالوكسون لايظهر اي إزالة للالم. وبالتالي فأن الدماغ يفرز منذ البدء مادة كافية من مضاد الالم تتساوى مع فعالية المورفين بالضبط.

النتائج من هذه التجارب وتجارب اخرى تشير الى حبة الكلس او حقنة الماء المالح لها تأثير يعادل تأثير الدواء الحقيقي إذا كان الانسان " يؤمن" بها بكل جوارحه ، ويؤمن( من خلال معلومات مسبقة تصل الى وعيه بطريقة مباشرة او غير مباشرة) انها قادرة بشكل من الاشكال على إعطاء نتائج معينة . إذا كان الايمان بهذا العلاج كبير وحقيقي بما يكفي سيكون ذلك كافي لظهور النتائج الايجابية.


اشكال الايمان بالوهم على خلفية نتائج التجارب قام العلماء بتقسيم فعالية العلاج بالايمان بالوهم الى مجموعتين، من خلال اسلوبهم بالتأثير. الى المجموعة الاولى تنتمي الحالات التي يظهر فيها تأثير فعالية الايمان بالوهم نتيجة لتوقع واعي وواثق بالنتائج المنتظرة من الدواء، في حين تنتمي الى المجموعة الثانية ظهور الامر كرد فعل مكتسب ،غير متوقع وغير واعي.
جدول يوضح الامراض التي يؤثر الايمان بالوهم في علاجها حسب المجموعة
اسم المرض مجموعة الوهم التي تؤثر به
النرفزة العصبية المجموعة الاولى
الالم الاولى والثانية
باركينسون الاولى والثانية
الكآبة الاولى والثانية
ضعف جهاز المناعة الاولى
التوازن الهرموني الاولى
شيزوفرينيا لايوجد تأثير للوهم


رد الفعل المكتسب بالمقارنة مع بقية ردود الفعل، هو رد فعل تعلمه الانسان عبر تجاربه الخاصة، ويؤدي الى ان الانسان او الحيوان يمكنهم إبداء رد فعل سريع وفعال على بعض الحالات التي تقدم مؤشرات متماثلة. العالم الروسي ايفان بافلوف وتجاربه الشهيرة تقدم لنا نموذجا عن ردود الفعل المكتسبة. الكلاب تعلمت ان قرع الجرس قبل وجبة الغذاء مرتبطة بالغذاء، مما جعل مجرد قرع الجرس كافياً لتفرز اللعاب عند سماعها له، بغض النظر عما إذا كان هناك طعام ام لا.

Placebo يتفاعل على نفس المبدأ. يوجد مايشير الى ان الدماغ يملك ميكانيزم يجعله يبني نماذج سلوك قائمة على معرفته بروتين سابق وماعليه ان يتوقع منه. عندما يعرف الدماغ شكل تأثير الدواء على الجسم يمكنه عندها إعادة الكرة مرة اخرى بنفسه. يحتاج لتنفيذ ذلك فقط إشارة بدء الانطلاق.

عام 2003 قام العالم الايطالي Benedetti بالبرهنة على إمكانية التأثير على هرمون الجسم من خلال ردة الفعل المكتسبة. العالم الايطالي اعطى، في البداية، اشخاص التجربة حقنة من الماء المالح واخبرهم ان مستوى هرمونات النمو في دمهم سيزداد. وكما كان متوقعاً لم يحدث شيئا من هذا على الاطلاق. في المرة التالي قام بحقنهم بدواء sumatriptan الذي يستخدم لرفع مستوى هرمون النمو في الدم واخبرهم بنفس الوقت عن الهدف من ذلك، في هذه المرة نجد ان مستوى الهرمون قد ارتفع فعلا، في حين اشخاص التجربة لم يعلموا شيئا عن النتائج في كلا الحالتين.

في اليوم التالي كرر الباحثين المعالجة بحقنة sumatriptan ولكن في اليوم الثالث تم حقن الاشخاص بحقنة من الماء المالح، لتتأكد التوقعات، محتوى الحقنة لم يعد مهماً لقد تعلم الجسم ماهو المطلوب منه وكيف الوصول الى ذلك، لقد ازداد مستوى هرمون النمو بالدم ولكن اقل بقليل من مستوى فعالية الحقنة الحقيقية.

من اجل فهم مالذي سبب إنبعاث الامر بالبدء بإنتاج الهرمون، اعاد العلماء التجربة ولكنهم في هذه المرة قبل ان يعطوا الحقنة الكاذبة لبعض المشاركين سربوا اليهم معلومات ان الحقنة ستؤدي الى تخفيض مستوى الهرمون في الدم. الخدعة لم تنجح، بل على العكس ارتفع مستوى الهرمون بالدم، وهذا يشير الى ان انتاج الهرمون انبعث بسبب معايشة الجسم لحالة " معروفة له مسبقا" اي تأثير الحقنة السابقة والوقت التي اعطيت فيه وملابس الاطباء، والتي اصبحت ايضاً جزء من المعايشة في اللاوعي، في حين المعرفة الواعية للمريض لم تلعب اي دور ذو تأثير. العديد من التجارب الاخرى اكدت ان رد الفعل المكتسب عملية لاواعية تماما ولاعلاقة لها بوعي المريض او تمنياته. ولكن من اجل ان تصبح هذه الطريقة في موضع التنفيذ من قبل الجسم يجب ان يكون المريض قد تعرض لعلاج حقيقي مرة واحدة على الاقل، حتى يعرف الدماغ والجسم كيف يجب ان تكون ردة الفعل.


جميع الادوية لها خاصية الوهم المجموعة الاولى التي اشرنا اليها اعلاه لاتحتاج الى ممارسة سابقة وتعويد للجسم، بل تنبعث فوراً بفضل رغبة شديدة واعية او توقع حدوث تأثير معين.

الكثير من الدلائل تشير الى ان الدماغ يستدعي إمكانيات إضافية، التي تشكل الاساس لفوزنا على الالم او اعراض اخرى. في الاحوال العادية يحتاج الدماغ الى المزيد من المادة الفعالة في الدواء من اجل السيطرة على العضلات او الالم، ولكن إذا كان يجتاحنا مايكفي من الايمان، يفرز الدماغ المادة المرادة مما يحسن فاعلية المبادرة عند الجسم.

المجموعة الثانية تعمل فقط بالوظائف الواعية، مثلا نحن نعي الالم الذي نعانيه، ولذلك تستطيع التمنيات والتوقعات ان تجلب نتيجة، ولكن ليس لنا اي علم واعي عن حالة جهاز المناعة وعن مستوى الهرمونات بالدم، ولذلك فأن توقعاتنا وتمنياتنا بدون فعالية في وظائف هذه المجموعة من الحالات.

المجموعتين يملكان نقاط تقاطع مشتركة ويتشابهون مع طريقة تفعيل الدواء في الجسم . إذا جرى المعالجة بالايمان بالوهم لشخص واعي بها او لشخص لم يعطى معلومات عن مايجب ان يتوقعه من العلاج، فأن النتيجة غير مجدية. بمعنى آخر فأن النتائج التي نحصل عليها من الادوية يعود الفضل فيها الى تأثير العلاج بالوهم من خلال توقعات المريض الواعية او المكتسبة عن النتائج المنتظرة للدواء.