onsdag 28 september 2011

هل يقول القرآن بالتطور وانتم نائمون؟



يقول تعالى : "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق"

واجهت نظرية التطور رفضا واسعا من المؤسسات الدينية المسيحية والاسلامية على مدى سنوات طويلة من عمر النظرية، وفي النهاية اضطرت الكنيسة للاعتراف بخسارتها الرهان وان النظرية صحيحة لتبقى المؤسسة الاسلامية وحدها على الساحة من يكابر ويعاند . بعض الجهلة يصرون على ان النظرية سقطت والبعض الاخر يتذاكى بالادعاء ان النظرية لازالت نظرية ولم تصبح حقيقة مطلقة، وكلا التصريحين ينجحان فقط في البرهنة على جهلهم المنهج العلمي والنظرية على السواء..

فضيلة الشيخ القرضاوي صرح في احدى المقابلات التلفزيونية قائلا:" (حتى لو ثبتت قضية نظرية داروين، عندنا من الآيات ما يمكن أن يدخل فيها).

هذا التصريح اثار اهتمامي إذ ليس من الغريب ان يحتوي القرآن على الشئ ونقيضه، فهو امر اشار اليه الامام علي بن ابي طالب في وقت مبكر عندما اشار :" القرآن حمال اوجه".
لهذا السبب بحثت في القرآن عن " الايات التي تدخل في نظرية التطور" كما قال القرضاوي قدس الله سره.
وبالبحث وقراءة الايات المعنية يظهر ان القرآن فعلا يقول بالتطور وليس بالخلق حسب المعنى الكلاسيكي للكلمة، وهذا الامر سأشرحه الان.

القرآن لايذكر على الاطلاق مثال عن الخلق من اللاشئ، او الخلق بمجرد كلمة " كن فيكون" وانما على الدوام يكون الخلق على مراحل ومن شئ سابق له.

يبدأ الامر من اخبار الله للملائكة عن نياته فيقول لهم:" وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِين (29) *الحجر

نرى كيف يعلن الله ان عملية خلق الانسان من شئ سابق الوجود، وليس مرحلة واحدة او على مبدا " كن فيكون". وتعدد المراحل هو بالذات الذي تقول به نظرية التطور، بدون الدخول في التفاصيل.
والاية اعلاه تشير الى ان البشر من " صلصال" ولكن هل يوجد صلصال في عالم الله، ونحن نعلم ان عالم الله عالم روحي في حين ان الصلصال مادة، ومادة مأخوذة من الارض تحديداّ!!

ان القول بوجود مادة في عالم الله يعني ان عالم الله مكان مادي الصفات، وبالتالي فالله في مكان وزمان، وبالتالي تنطبق عليه قوانينا الكونية ويمكن تحديد مكانه وخواصه، وهو امر واضح بهتانه. عدا عن ذلك نستخلص من ذلك ان الله في ما خلقه وليس خارجه، وهو امر قد يتعارض مع الالوهية على النمط الاسلامي ( يتطابق مع الالوهية على النمط الهندوسي الذي يقول بالفيض).

والاية تشير الى ان البشرية في هذا المخلوق لم تتحقق الا بعد مرحلة " التسوية"، وبالتالي هناك مرحلة الصلصال ثم مرحلة التسوية وبعد ذلك تأتي مرحلة نفخ الروح البشرية فيه وعندها فقط يخرج الانسان من جسد مر بأطوار حتى وصل الى لحظة الانسنة.

والقول بالمراحل يعني القول ان لكل مرحلة زمنها الخاص، ونحن نعلم ان الزمن عند الله ليس كالزمن على الارض، يقول القرآن (ان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون )، وبالتالي المرحلة الصلصالية التي هي قبل المرحلة الانسانية بكثير، يمكن فهمها انها بداية نشوء الخلية الاولى في الحساء الصلصالي المبكر وبالتالي فهي دليل الطور الاول من عملية التطور.

من الطبيعي ان عملية التسوية احتاجت الى ملايين الاعوام بالزمن الارضي وهي ليست المرحلة الوحيدة التي ذكرها القرآن للوصول الى الشكل البشري النهائي المطلوب..فهناك مرحلة التعديل والتشكيل ومراحل الجنين، وكلها جزء من عملية الخلق، بالتطابق التام مع نظرية التطور. وهذه المراحل من الطبيعي انها جرت على الارض المادية وليس في مملكة الله الروحية. وفقط عندما اصبحت التسوية المادية كاملة وجاهزة نفخ الله فيها من روحه، تماما كما نفخ من روحه في فرج مريم التي كانت على الارض...
هذه المراحل اشار اليها القرآن بكل وضوح عندما قال: ( مالكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم اطوارا

ان عدم تعرض القرآن لتفاصيل العملية البيلوجية امر طبيعي، فالقرآن ليس كتاب بيلوجي وانما يخبرنا احسن القصص فقط وفي إطارها الروائي يخبرنا الحكمة وبعض المعلومات عن قدرة الله، بما يكفي للاعلان عن مصدر الانسان وشرعية مطالبته بالعبادة. والاشارة الى الاطوار وبعض مراحل الخلق كافي للغاية لتحقيق الغرض.

لنقرأ معا الاية التالية:
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ(12)ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ(13)ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين / نوح، 14

ان الاية اعلاه تشير بوضوح الى ان اطوار الجنين في الرحم موصوفة ايضا بكلمة خلق، وهي بذاتها جزء لايتجزء من عملية الخلق، وبالتالي فالخلق المعني ليس " كن فيكون" كما يفهم الامر الشيوخ وانما مراحل تطور وتسوية للشكل الانساني بما فيه تشكل الجنين في الرحم. غير ان اطوار الجنين ليس فقط اطوار عامودية بل افققية ايضا، إذ حسب علماء التطور فإن اطوار الجنين هي انعكاس للاطوار التاريخية ايضا.

ومسألة الخلق على اطوار ومراحل يصر عليه الله في ايات اخرى مثل: {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ }الانفطار7
وهنا نرى كيف بدأ الامر بالقرار ثم التسوية وبعدها تأتي مرحلة التعديل. وهذه الاطوار تتطابق مع مراحل التطور ماقبل ظهور الانسان . بل والمدهش الانتباه الى طور التعديل الذي يلمح الى ظهور نسخ سابقة على ظهور الانسان الحديث حيث نعلم بظهور نسخة انسان ايريكتوس و نسخة هابيل و نسخة انسان النيندرتال والانسان القزم والانسان اكس ولربما اناس اخرين واخير تمت التعديلات ليظهر الانسان المعني في احسن تصوير. وطور التعديل يبقى مستمرا حتى اليوم.

يقول: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا للملائكة اسْجُدُواْ لآدَمَ ...الأعراف11 . لاحظوا معي ان الطلب من الملائكة بالسجود لهذا البشر ليس مباشرة عند الخلق " اي عند ظهور الارادة والتقدير، حسب المعنى اللغوي للكلمة" وانما عند انتهاء التشكيل والتصوير اي في المرحلة الاخيرة تماما، وهو الذي يتوافق مع ظهور الانسان العاقل.
بل ويقول: {إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين} [الأنعام:133] ومن هنا نرى اشارة الى ان الانسان الحالي من ذرية قوم سابقين له، لربما الهومو ايريكتوس؟ {إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد, وما ذلك على الله بعزيز} [فاطر:16-17] فذهابنا مرتبط بآتيان خلق اخر مكاننا وبالتالي فالتغيير نوعي تماما كما حدث عندما اتى الانسان وذهب الخلق الذي قبلنا وانقرض على الرغم من اننا من ذريته.. وهذا عين ماتقول به نظرية التطور

ماذا تعني كلمة " خلق" في اللغة العربية؟
في لسان العرب : أصل الخلق التقدير ، ومعنى خلق الموت والحياة اي قدر الموت والحياة ،ويقع الخلق أو التقدير على الصفات والأحوال، نقول : خلق الله الخير والشر ، خلق الغنى والفقر، (انتهى الاقتباس من لسان العرب) وبالتالي فالخلق يمكن ان يعني المادي والروحي على السواء، مع بعض او كل منهم على حدى.

وانطلاقا من ذلك يمكن رؤية جزئيي الصورة الروحية والمادية لعملية خلق واحدة، حسب مايعرضها القرآن ، يكون اساسها " التقدير" لما اراد وليس اخراج الارنب من قبعة الساحر كما في السيرك. على ذلك يكون من الخطأ الاعتقاد ان خلق الانسان هو بالمعنى الكلاسيكي الدارج الذي فهمه رجال الدين ، حسب سقفهم العقلي المعرفي، وانما بالمعنى الذي تقول به نظرية التطور..

يحتار البعض في كيفية فهم بعض الايات التي تعطي انطباعا بتناقضها مع الايات السابقة التي تتكلم عن المراحل. مثلا الاية التي تقول: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }طه123
والاية التي تقول: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }آل عمران59.
بل ان البعض يحرص على الممانعة بالاية التالية ايضا: : {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ }البقرة31

ومايثير استغرابي عدم الانتباه الى ان مواقفهم لاتقوم فقط بمعارضة الايات اعلاه بما سبقها ، عندما يطرحون الايات لمعارضة الايات السابقة، في معرض سعيهم المحموم لتبرير الاخذ بالمعاني الكلاسيكية وانما ايضا تتجاوز انها تقبل بالاقتصار على بعض الايات التي تتعارض مع معنى الايات السابقة لها وترفض معاني الايات الاخرى عمليا. لماذا يجري قبول معنى وتناسي معنى اخر وقبول معارضتهم ببعضهم، وكأن تعارض الايات امر طبيعي؟

ومع ذلك، إذا قمنا بفهم الايات من زواية نظرية التطور نجد ان هذا التعارض يزول. والتفسير هو:

ان قوله " اهبطا منها" هو تعامل الله مع ارواحهم وليس اجسادهم، إذ لايمكن ولايجوز ان تكون الاجساد في عالم الله من حيث سيعني ذلك ان عالم الله مادي وله مكان، وان الله في ماخلقه، كما اشرت سابقا. في حين من الاكثر منطقية ان يكون المقصود هو روحهم فقط، والتي نزلتا الى الارض لتلاقي الجسد الذي انتهى من عملية النشوء والتسوية والتشكيل واصبح جاهزا لاستقبال الروح المنفوخة من السماء.. وهو امر يتطابق مع القوانين الكونية وإلا هل من المعقول ان نرى ادم وحواء يسبحان عاريان في الفضاء الكوني في رحلتهم الى الارض؟

والاية الثانية تقول ان المثال بالنسبة لمعناه " عند الله" وليس بالنسبة لنا. اي بالنسبة لله الامر كذلك. وهذا لايمكن ان يعني انه هو كذلك بالتفصيل الحرفي حسب مافهمناه نحن، عندها لن يكون بحاجة للقول " عند الله" إذا كان المقصود ان يكون كذلك " عندنا".
والاية تهدف الى نفي الالوهية عن عيسى بأه ابن الله ليخبرنا انه بالنسبة لله هو مثل آدم اي من سلالة من طين وليس من سلالة إلهية، حسب إعتقاد البعض، وبالتالي ينطبق على عيسى ماينطبق على آدم، فهو وان كان بدون اب الا انه من نسخ خلوي بشري، ومر بأطوار الجنين البشري ، ومن سلالة الصلصال البشرية .

وتعليم ادم للاسماء كلها، لاشك انه تعليم الروح، اذ ان الاسماء كلها لم تكن قد خلقت ماديا اساسا وبالتالي لايمكن تعليمها ماديا وانما مجازيا. ذلك يترتب عليه بالضرورة ان ادم ايضا مجازي

الامر لايتوقف عند آيات خلق الانسان بل يجب ان يتجاوزها الى آيات خلق الكون بكامله، إذ ان الاية تقول:
( مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا) [الكهف: 51].
ونحن نعلم ان السماوات والارض تطورت على مدى 13 مليار سنة ولازالت في حالة تطور حتى اليوم، وهو امر مُثبت لاجدال فيه ونقر به. ولكن في ذات الوقت الذي يصف القرآن فيه عملية تطور الكون بتعبير الخلق ونتجاهل التعرض للامر ونعتبر ضمنيا وبصمت ان خلق الكون يعادل تطوره فلماذا لانصمت بل نعارض اعتبار تعبير خلق الانسان يعادل التطور، بما يتعارض حتى مع آيات القرآن؟

( مالكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم اطوارا ... والله انبتكم من الارض نباتا )
(والله خلق كل دابة من ماء)

طريف سردست

Inga kommentarer:

Skicka en kommentar