onsdag 22 februari 2012

هل حقا اضطهدت قريش المسلمين؟

في روما القديمة، تماما كما في مكة، كانت هناك عشرات الالهة. كل فئة وطائفة وعشيرة كانت تملك الحق في ربها الخاص او مشاركة الاخرين آلهتهم في تسامح رائع لامثيل له. لم تكن هناك محظورات على العبادة او ابتداع عبادات جديدة ، فمالذي ادى الى إختلال هذا النظام وادى الى انتهاك هذه التقاليد وحفز اضطهاد المسيحيين في في روما واثينا والمسلمين الاوائل في مكة؟

عند قراءة التاريخ بتمعن نرى ان ذلك بدأ بظهور من يدعي ان إلهه وحده الاله الحقيقي الصحيح وكل ماعداه فاسد ويجب تحطيمه. ذلك بالذات الشئ الذي صار يخطب به بولص ، إذ إدعى ان الهه الجديد، الغير معروف في اثينا، هو الاله الصحيح والحقيقي. (Acts 17:23). على المنبر كان يبدأ بالوعظ مستخدما ليس كلمات موسى وابراهيم ، معلميه، وانما كلمات Epimenides, وهو " نبي" من كريتا استدعوه اليونانيين لمساعدتهم على التخلص من الطاعون. بعد زوال الطاعون، اصبح، بالطبع، الفضل الاكبر يعود للنبي ابيمنديس، ولذلك نجد ان بولص لايتوانى عن استغلال ذلك ايضا، فيعتبره نبي، (Tit. 1:12), من انبياء ربه، الرب الحقيقي، في معارضة ارباب اليونانيين الغير حقيقية والغير قادرة على مقاومة الطاعون.
في Acts 17:28 يقول باولص Paul:" بفضله نحن نحيا ونتحرك وموجودين، ومن بيننا يوجد الشعراء، حسب كلمته"(*). ولكن هذا الكلام مقتبس من (Cleanthes' Hymn to Zeus) حيث النص الاصلي يقول :" لاننا نحن ذرية، اخذت صورتها من كلمتك، كأشياء كثيرة ميتة وكالحياة مايتحرك على الارض" . وايضا يقول:" في كل شارع وكل ساحة هناك زيوس وحتى في البحار والموانئ يوجد هذا الاله، في كل مكان جميع الخلق مدينة لزيوس بالشكر، لاننا نحن فعلا ابناءه". ويقول:" انت تحيا وتعيش للابد، بك نحن نحيا ونتحرك ووجودنا متعلق فيك".(**)
وعلى الرغم من هذا التشابه، نجد ان المسيحيين هم الذين تعرضوا للاضطهاد وليس اتباع النبي الكريتي. مالسر في ذلك؟

عندما اراد الامبراطور الروماني Septimus Severus توحيد شعوب الامبراطورية، رأى ان ذلك يتم من خلال وجود إله مرزكي يمثل الامة. لقد اقترح الأله الشمس Sol Invictus لكونه مركزي يضيئ فوق كل الامبراطورية، وغالبية الشعوب تؤمن به كجزء من منظومتها العقائدية. لم يكن إلها جديدا، ولكن الاهم ان وجوده لن يعني إلغاء الآلهة الاخرى،. فجميع الآلهة ستبقى ويكفي ان اتباعها يعترفون بالشمس إلها مركزياً، يوحدهم مع الامة ولا يلغيهم. هذه النظرة لم تكن موجودة او مقبولة في الاديان الابراهيمية. ان المحور الرئيسي للدين الابراهيمي هو اقصاء الاخر تماما، والوقوف فوقه. وهذا يبدو سببا كافيا لاستفزاز الاخرين، خصوصا في البدايات حيث كانوا الاكثرية. الايعني ذلك ان اضطهاد المسيحيين، جرى بسبب سلوك المسيحيين انفسهم؟

في مكة نجد الصورة نفسها تكرر. لم يكن اهل قريش يمانعون في عبادة الله، الذي كان احد آلهتهم في الواقع، والذي كانوا يعبدونه في افضل صوره وهو القمر، الذي يملك تأثيرا حاسما على حياة البدو العرب. مالذي جعلهم يفقدون تسامحهم المعهود اذن؟ بالذات ان محمد هو الذي لم يكن متسامحا، وانما كان يصر على إهانة معتقداتهم والازدراء بها وتحطيمها والقضاء عليها بدون اي احترام لمعتنقيها. ان سلوك محمد هو الذي حفز السلوك المعادي ضده، وليس العكس.

الا يفسر ذلك اسباب موجات العداء التي تتزايد للاسلام في العالم بعد انتشار المسلمين في جميع انحاء العالم، وبعد ان تقبلهم العالم غير عالما بطريقة تفكيرهم وحدود تسامحهم؟ ان التسامح والاحترام لايمكن ان يكونا في إتجاه واحد، كما يطالب المسلمون.

(*)"For by him we have life and move and exist, even as certain ones of the poets among YOU have said, ‘For we are also his progeny.’"
(**)"For we are Thy offspring, taking the image only of Thy voice, as many mortal things as live and move upon the earth." (Aratus' Phænomena 'Natural Appearances') "For every street, every market-place is full of Zeus. Even the sea and the harbour are full of this deity. Everywhere everyone is indebted to Zeus. For we are indeed his offspring." (Epimenides' Cretica 'Cretan') "Thou livest and abidest forever, for in thee we live and move and have our being."


تطور مفهوم الجحيم والشيطان



hel


ربة الخصب التي اصبحت الجحيم
هيليوس Helios كلمة يونانية وتعني الشمس. في الالمانية يقال هيل hell ، وتعني المشرق، الضياء، في حين ان كلمة Hölle تعني الجحيم. في السويدية كلمة hel تعني الكامل وفي الاصل كانت تنطق hole وتعني الثقب. وكلمة Hel في القديم اسطورة شمالية عن الالهة والمكان، يسمى Hela. . آيتو وبارتريدج Ayto and Partridge كلاهما يقولان ان مفهوم الجحيم، في الاصل كان لايتجاوز إطار معنى "المكان المخفي" وهي كلمة تتشابه في التعبير مع كلمة الطريق المسدود.

على الدوام يخلق ذهن الانسان علاقة يربط فيها الانسانية، ذاته ومعايشاته وإسقاطاته، بالطبيعة الكونية. الارض غالبا تاخذ دورا انثويا ، في تصوراتنا، من حيث انها الخصب والعطاء، والسماء تكون مُذكرة، عدا في مصر القديمة، حيث ربة السماء آمون. في الشرق الاقصى نجد، نجد المفاهيم اخذت مسارات مختلفة، فهناك الدوائر الكونية yin-yang منقسمة بين قوتين متعارضتين ولكن متساويتين في وحدة واحدة منسجمة. القسم الاعلى يانغ والادنى ين. كل شئ في الكون هو نتيجة تفاعلهم الداخلي المتبادل. وهم يمثلون احجية الخلق ويرمزون الى الثنائية التي نعايشها في كل شئ: الارض والسماء، الانثى والذكر، النور والظلام.

في الكلمة " هيل"، والمفاهيم المركبة حولها، لم يكن هناك شيطان ولا جحيم، بالمعنى الابراهيمي الراهن للكلمة. والجذر الاصلي للكلمة " هيل" كان، على مايبدو، يشير الى الارض، بمعنى المصدر ورحم التطور واليه المعاد. والارجح ان جذر الكلمة القديم منحدر من الكلمة الهندواوروبية kel وتعني الغطاء والاخفاء، وهي الكلمة التي جرى اشتقاق عدة كلمات منها في اللغة الانكليزية، بما فيهم كلمتين حديثتين khallo and khaljo. ( الاولى تعني صالة والثانية تعني جحيم).
في حين نجد ان Wîtedom, وهي كلمة سكسونية كانت تعني " الحكمة القادمة من مصدر فوق البشري"، بمعنى الحكمة او الالهام، والذي على اساسه نشأ مفهوم wisdom, ومعه الوعي بعري الانسان شكلا شكل من اشكال الجحيم على الارض، مرتبطة مفهوميا كنتيجة لأكل آدم وحواء لثمرة المعرفة المحرمة.

يكتب سارتر في هيوس كلوس (Huis Clos): " اشار الخبراء ، اعتمادا على النصوص القديمة الباقية، ان هيل لم تكن ربة شمالية شريرة وبقيت كذلك الى ان تأثرت صورتها بالمسيحية المستوردة.. لم تمارس ( الربة هيل) اية اعمال شريرة وانما كانت حزينة او مصابة بالكآبة. قصرها كان في عالم الآلهة وكانت تستقبل ارواح الاموات بسلام وطمئنينة، ولم يكن هناك تعذيب او وحشية او سادية، كانت ربة رحم التجديد ".. كافة الدلائل تشير الى ان الربة هيل، كانت في الاصل، لدى شعوب اوروبا المشالية، ربة الخصب المعادل لعشتار، حتى جاءت المسيحية فجعلتها الجحيم.


في انسكلوبيديا كامبتون، نجد النص التالي: " اصل ربة الجحيم Hellia لم يكن له علاقة بالموت او التعذيب، انها تقوم بمسك ارواح الاموات وابقائهم في مملكتها. فكرة مكان الجحيم جرى تطويرها من اللغط الوثني الى جهنم المسيحية تحت الارض، مرفقة بالتعذيب وجميع مظاهر الوحشية الاخرى، لكون الشعوب كانت وثنية ولكون الكنيسة وجدت ذلك عذرا كافيا لربط ضياع روح الوثني بالتعذيب اللاهوتي الوحشي".
Compton's Encyclopedia Online echo Jacob Grimm

في انسكلوبيديا المرأة، تقول باربار والتر:" وعلى ارغم من ان اللاهوت المسييحي اقتبس اسم جهنم من اسم ربة، ولكن ذلك كان اسم لمكان مختلف عن مكان الجحيم المسيحي، ومختلف عن مفهوم رحم التجديد. السابقين لم يروا في " المكان المخفي" تحت الارض على انه مكان للعقاب بالدرجة الاولى. كان مكانا مظلما، ومثير وغامض ولكنه ليس غرفة تعذيب هائلة لاشباع سادية الرب".
[p.312]. In her Woman's Encyclopedia Barbara Walker

الامر نفسه نجده لدى شعوب اخرى مثل الهند والشرق الاقصى، بل وحتى مفهوم الجحيم في مصر القديمة وبلاد حوض الرافدين في العصر البابلي وحتى ظهور الابراهيمية التي قضت على المفاهيم الانسانية القديمة..

عن دراسة لطريف سردست