lördag 24 mars 2012

كيف عرف محمد بوجود مروج وانهار في ارض العرب

عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه و سلم قال " لا تقوم الساعة حتى يكثر المال و يفيض حتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد أحداً يقبلها منه ، و حتى تعود أرض العرب مروجاً و أنهاراً " صحيح مسلم ـ باب الزكاة.

وفي مسند الإمام أحمد بسنده يقول الرسول ( صلى الله عليه وسلم) :
" لا تقوم الساعه حتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا وحتي يسير الراكب بين العراق ومكة لا يخاف إلا ضلال الطريق وحتي يكثر الهرج قالوا وما هو الهرج يارسول الله ؟
قال القتل “

من اين علم محمد ان ارض العرب كانت مروجا وانهارا؟
في الواقع لم يصلنا الكثير عن مصدر تصورات محمد مفاهيمه الا بسبب الاسلام ومن مصادر المسلمين، ولغرض وصف حياة الرسول وصحابته، ولرجم الكافرين وادانتهم. ان تصورات عصر محمد، غائبة تماما إذا كانت لاعلاقة لها بالاسلام. غير اننا نعلم ان الاسلام بذاته مجموعة اقتباسات عن السابقين، ولايملك طقوسه وقصصه الخاصة، فإغلب عناصرها من خبرات وتجارب الحضارات المجاورة، حيث نعلم بصراع بين الرب رع ورب الصحراء (1). ولولا التفاسير في معرض شرح القرآن لما كان لدينا موارد تعرفنا بمصادر طقوس وقصص القرآن، ولكان الاعتقاد انها جاءت من الوحي. لماذا سيكون " مروجا وانهارا " وحدها من الوحي، في الوقت الذي نجد ان اساطير الاسلام ذات منشأ من حضارات الجوار؟

ونحن نعلم ان الحديث اعلاه كان في معرض وصف قيام الساعة المُدعى، ولكن احاديث الرسول نفسه تشير الى انه كان يعتقد ان العالم على أعتاب قيام الساعة، وان القضية تتعلق بجيل او جيلين. يقول فى صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل عند عين تبوك ‘‘ يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جناناً ‘‘

ومسألة ان ارض العرب كانت مروجا وانهارا لها ارتباط بتصورات العرب، والاسلام، على الجنة ورواياتها. ان جنة عدن تعود بجذورها الى العصر البابلي حيث كان الاعتقاد ان منطقة الدلمون (البحرين والامارات) كانت جنة الخلد، التي سافر اليها اينكي للوصول الى حياة الخلود. (2)

وفيما بعد كان يطلق تعبير عدن على ارض اليمن، ثم انشؤا السدود للتحكم بالامطار، حتى هاجرت قبائل الى الحجاز، بعد تحطم سد مأرب ولم يعد المطر كما في السابق. وهذا الامر جرى في عصر قريب لمولد محمد، فنحن نعلم ان القبائل المهاجرة من اليمن كانت تعلم منبتها ومنها قبئل اهل المدينة الذين سكنوا الى جانب قبائل اليهود التي كانت تملك المنطقة قبلهم ووافقت على اسكانهم. وهذه القبائل نقلت معها تصوراتها واساطيرها عن جنة عدن السابقة، ولذلك لابد ان محمد على علم بها، خصوصا وان قبائل المدينة هم اخواله.

ومسألة الجنة على الارض موجود في التراث اليهودي، الذي يتكلم عن هبوط آدم وحواء الى الارض، وقد انتقل الى التراث الاسلامي، مما يدل ان محمد لابد قد سمع به عن اليهود. -روى الإمام الطبري في تاريخه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:أهبط آدم بالهند ، فجاء في طلبها حتى اجتمعا فازدلفت إليه حواء ، فلذلك سميت المزدلفة ، وتعارفا بعرفات ، فلذلك سميت عرفات وتعارفا بجمع فلذلك سميت جمعاً.
وليس من المعقول ان آدم جاء اليها عبر صحراء مثلا، ولابد ان التصورات ان الارض كانت خضراء تسمح له بالسير الى مكة والالتقاء بحواء بدون ان يموت من الجوع او الحر، حيث الاعتقاد ان المنطقة المباركة والمقدسة كانت توصف بعدن. ونحن نعلم ان آدم وحواء وضعوا اوراق الشجر لاخفاء عورتهم حتى لايراها الشيطان الذي كان مهتم للغاية برؤيتها. ذلك يعني ان الاشجار، بالضرورة كانت موجودة في منطقة النزول ومن بينها عرفات، حيث يتصور المسلمين الاوائل انه موقع نزول حواء.

في قصة التكوين التوراتية نرى ان آدم وحواء نرى ان القصة تدور بين الجنة والارض، وكان الجنة على الارض وكانها تملك مدخلا بالامكان الدخول منه والخروج منه، وان ادم وحواء وابنائهم قادرين على خداع الحراس . بذلك يكون مفهوم التتداول بين الجنة (بمعنى الخضار الدائم) وبين الواقع جزء لايتجزء من الاساطير اليومية المتتداولة في ثقافة عصر محمد الطبيعية.

ولكن ماذا عن منطقة مكة، هل هي معنية بالنبوءة ايضا، على إعتبار انها جزء من ارض العرب، وافضل الاجزاء فيه؟ هل كانت منطقة مكة ممتلئة بالمروج والانهار، وهل ستعود اليها المروج والانهار المفقودة؟

"رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّم" (37 - إبراهيم )

ومن المعروف عند علماء الأرض بأن الوادى هو منطقة منخفضة بين جبلين من الأرض تكونت بفعل جريان المياه التي تتدفق عبر المجرى أتية من المنبع والذى يكون في معظم الاحيان علي هيئة جبال مرتفعة ترتطم بها السحب المحملة بماء المطر. ونحن نعلم ان منطقة مكة تقع في منطقة امطار موسمية غزيرة تؤدي الى سيول وفيضانات ولكنه ليس بالامكان ابقائها والاحتفاظ بها، من جهة لان المنطقة محدودة بمرتفعات جبلية بركانية ومن جهة ثانية لان الارض تغطيها حممم صلبة تمنع الارض عن امتصاص غالبية الماء ومن جهة ثالثة لان السيول على سفوح الجبال جعلت التربة مكشوفة ومنحدرة في إتجاه البحر. كل ذلك يجعل من غير الممكن ان تصبح المنطقة ممتلئة بالمروج او الانهار، وعلى الاخص الانهار. وليس من المؤكد ان المنطقة كانت مغطاة بالمروج او فيها انهار. ان فكرة محمد مبنية على الاساطير الشائعة في عصره ان ارض العرب كانت مكان جنات عدن، ولذلك من الطبيعي ان من علامات الساعة ان تعود الانهار والجنات الى ارض العرب.

وعلى افتراض ان محمد قد استنتج ذلك بدون اية مقدمات وبدون علة، على الرغم من ان مالدينا يكفي لنفي ذلك، هل يعني ان استنتاجاته تفرض القول انه الوحي وليس الذكاء. هل تنعدم الامثلة على حدوث استنتاجات مشابهة في التاريخ الانساني، بحيث يكون مثل هذا الاستنتاج دليل على الوحي وحده؟ وإذا كانت لدينا امثلة على وجود مثيل لها هل يعني ذلك انه يجوز لنا ان نقول انها وحي وليس ذكاء، ام ان الامر يختص حصرا بمحمد؟

في كتاب سنسكريتي مقدس Mahayana يعود الى ماقبل 100 سنة قبل الميلاد يوجد نص يتكلم عن تعدد العوالم وان عددها لانهائي وانه مهما اخذنا من هذه العوالم فإن عددها لاينقص. وذلك يتوافق اليوم مع نظريات فلكية حديثة ومع رياضيات اللانهاية. هل نعتبره كتاب مقدس الهي، من حيث انه يقدم لنا اعجازا لاشك فيه؟

ديانة Vedic seers تصف عالمنا على انه بين مصدرين الطاقة الكونية والطاقة المظلمة، وهو بالذات الذي يتكلم عنه الفيزياء الحديث.

في عام 218 ميلادي تنبأ حكيم من شعب مدينة Lykien وهو اغريقي ان الديمقراطية ستسود في العالم يوما ما. وتعتبر مدينتهم رأس اول اتحاد بين الممالك المدن التي اقامت الديمقراطية في العالم.

ومن مخطوطة مصرية قديمة تطل علينا نبوءة هرمس، التي صيغت في القرن الثاني، تقول:
ينبغي عليك أن تعرف، سيأتي ذلك اليوم الذي فيه سيتضح كم كان عديم الجدوي ورع المصريين وخدمة هذا الشعب المفعمة بالتضحية له، ستنحط هنا الذكري المقدسة للآلهة وتتحول إلي عدم وسيرحل الآلهة أنفسهم من هنا نحو السموات، سيهجرون الأرض المصرية للأبد وهكذا فإن هذا البلد الذي كان عبر قرون طويلة مهدا ودعامة وعمادا ومحرابا للدين الحق سيجرد من الحضور الإلهي ويتيتم ويصبح فارغا. سيحتل الغرباء أرضه الزراعية ولن يقتصروا علي الاستخفاف بالإيمان المقدس وإنما­ كم هو مؤلم هذا الشيء­ سيصدر مرسوم سيحظر تحت طائلة أقسي العقوبات الالتزام بقواعد الدين والتقوي والعبادة. هذه الأرض الجليلة، مقر المذابح الإلهية ستملأ منذ الآن بالقبور والجثث فقط. يا مصر، يا مصر الحبيبة ! لن يبقي ما يشهد في القرون المقبلة علي عباداتك سوي الأساطير والحكايات ولكنها بالرغم من ذلك ستبدو للأجيال مجرد خرافات عادية، ستصمد الآثار المنقوشة من الحجارة وحدها كآثار وبراهين علي أفعالك التقية. آه يا مصر، سيستوطن السكوذي أو الهندوسي أو واحد آخر شبيه بهما، همجي من البلاد المجاورة. آه، ما هذا الذي أقوله عن مصر؟ ولن يتركوا مصر وعندئذ ستترك الآلهة أرض المصريين هاربة للسماء وستموت هوية المصريين، ...... وإذا بقي بعض السكان مصريون فبلسانهم فقط وسيصبحون غرباء وكذلك عملهم


وفي القرن الرابع قبل الميلاد جاء لوسيبوس وديموقريطس بنظريتهما الذرية في مواجهة بارمنيدس. كانت تعاليمهما تنص على أن الكون يتكون من أجسام جامدة متناهية في الصغر، ولاتقبل الانقسام، وتسمى بالذرات التي تتحرك في الفراغ وتتجمع لتكون الأشياء الأكبر حجماً التي ندركها بخبراتنا المتعارف عليها.

استراليا، جاءت تسميتها من الكلمة اللاتينية australis, والتي تعني الجنوب. في العصر الاغريقي تصور الفلاسفة الاغريق، وبالتحديد اريسطوطاليس، انه لابد ان يكون هناك قارة الى الجنوب، ثم وافقه بطاليميوس على ذلك. وفيما بعد، بين قرون 14-17 اصبحت خرائط بطاليميوس معتمدة واطلق عليها راسموا الخرائط "Terra Australis Incognita" اي " الارض المجهولة في الجنوب"

لدينا ايضا تنبوءات دافنتشي الاعجازية، حيث قام بوضع مخططات لمجموعة افكار تطبيقية تقارب تماما اخر الاختراعات الموجودة في عصرنا اليوم، مثل الدبابة والهيليكوبتر والغواصة والمظلة والطيران الانسيابي على الهواء والبندقية والرشاش والحصادة. لايوجد في العالم مفكر واحد تمكن من تصور مجموعة من الاختراعات بهذا الشكل وبدون اية فكرة مسبقة مثل دافنتشي بحيث ان البعض يتسالون فيما إذا كان قد زار المستقبل.

(نوستراداموس) هو منجِّم فرنسى عاش من 1503 إلى 1566 .تذكر لنا الروايات أن موهبة (نوستراداموس) التنبؤية كانت قد بدأت تظهر بوضوح فى تلك الفترة ، عندما رأى فى (إيطاليا) راهباً شاباً يعمل برعى الخنازير فى الطريق ، وما إن اقترب منه حتى خرَّ (نوستراداموس) على ركبتيه أمامه قائلاً < قداستك! > ... (فيليس بيريت) ، الراهب الشاب راعى الخنازير ، صار قداسة البابا (سيكستوس الخامس) عام 1865 ... بعد قرابة العشرين عاماً على موت (نوستراداموس) نفسه!

كلام كثير دار حول (نوستراداموس) – مثله مثل (دافنشى) وغيرهما – حول تنبؤاته العجيبة ، بل إن العديدين يعتقدون أنه نبى. قبل أن يموت ، كان (نوستراداموس) قد انتهى من كتابة 942 نبوءة على هيئة رباعيات ، تم جمعها فى كتاب اسمه (القرون)!

تنبؤات ابيقور اكثر غرابة من تنبؤات دافنتشي لان ابيقور عاش في عام 99 قبل الميلاد، حيث كان العلم لازال في بداياته الجنينية. نبؤات ابيقورس التي ستورد هنا، وردت في قصيده شعريه تسمى DE RERUM NATURA وهي قصيده كتبت من قبل ليكوريتوس LUCRETIUS . وفق هذه القصيده يكون ابيقورس قد تنبأ بوجود الذره كأصغر جزأ من الماده، وهو الذي اطلق على الجزء اسم الذره، المستخدم لغايه يومنا هذا. كما تنبأ بالجزيئه والتي تتكون من اتحاد ذرتين وتنبأ بقانون القصور الذاتي والذي ينص على ان الاجسام تظل على حاله الحركه الا اذا اوقفت من قبل قوه خارجيه، هذا القانون لم يثبت علميا وتجريبيا الا على يد غالليليو. وقال ابقور ايضا بما يدعى بكونيه القوانين الطبيعيه اي ان قوانين الطبيعه تطبق في كل مكان من الكون وليس على الارض فقط. هذا الاكتشاف الذي عارضه ارسطوطاليس و المسيحيه حتى اثبت صحته غالليلو ، وبين ابيقور بأن المطر هو نتيجه لتبخر الماء من المسطحات المائيه بفعل حراره الشمس ويتجمع حسب حركه الرياح ويهطل مطرا بعد ذلك ، وتنبا بأن انتقال الصوت هو عباره عن حركه جزيئات الهواء بشكل موجه ضاغطه، واننا نميز الروائح على اساس حجم الجزيئات التي تتناسب مع شكل المتحسسات في الانف وان البرق يتكون من اصطدام او احتكاك بين جبهتين من العواصف وتكون نتيجه لتحرك جسيمات بسرعه عاليه وتسمى هذه الجسيمات اليوم الكترونات وهي التي تشكل الشكل الخارجي للماده . وقال ابيقور ان الزلازل هي عباره عن انزلاق شرائح طبقات الارض وان النيل يرتفع مستواه كل عام بسبب ذوبان الجليد في مصبه، وان الانسان والحيوان قد تطورا نتيجه لقانون الاختيار الطبيعي وان قوه الجذب المغناطيسي هي نتيجه تفريغ وامتصاص لجسيمات بين جسمين مغناظيسيين وان النار ليست عنصر من عناصر الحياه وانه لاوجود لمركز واحد للكون ولكن الكون يتكون من عده مجموعات من الكواكب لكل منها مركز تدور حوله وان للضوء سرعه محدده وان الزمن ليس بموجود الا بعلاقه الاشياء والاحداث بعضها ببعض لذا فان الزمن نسبي للمشاهد.

الخلاصة
ان الجنة اسطورة قديمة من اساطير العرب، ومفهوم الجنة اللغوي والتفسيري هي جنان وانهار، بما يعني ان العرب، من اساطيرهم الخاصة واساطير اليهود، كانوا يعتقدون ان ارض العرب كانت جنات عدن، ولذلك من الطبيعي التصور ان تعود الجنات والانهار اليها، خصوصا وان المشروع المحمدي كان بناء هيبة العرب ودولتهم الغنية والجميلة والنقية. لذلك، فالتصورات الطبيعية الاسطورية، التي تشكل الخلفية الثقافية لمحمد وعصره، تقول ان ارض العرب كانت جنات وانهار.. ولايحتاج الامر الى تحزير.

إذا وقع الذباب في وعاء احدكم فايغمسه

  بعد ظهور ابحاث عن وجود مضادات حيوية على جسم الذباب، عاد الاصوليين الى إشهار حديث الذبابة على انه إعجاز خارق، متلاعبين بالعقل والمنطق وبصحة السذج، مما تتطلب الرد

 ( إِنَّ أَحَدَ جَنَاحَيْ الذُّبَابِ سُمٌّ وَالْآخَرَ شِفَاءٌ فَإِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ فَامْقُلُوهُ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السُّمَّ وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ ) .
رواه أحمد : حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ فَأَتَانَا بِزُبْدٍ وَكُتْلَةٍ فَأُسْقِطَ ذُبَابٌ فِي الطَّعَامِ فَجَعَلَ أَبُو سَلَمَةَ يَمْقُلُهُ بِأُصْبُعِهِ فِيهِ فَقُلْتُ يَا خَالُ مَا تَصْنَعُ فَقَالَ إِنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ حَدَّثَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فذكره )

عن ابي هريرة ان محمد صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينتزعه (ليطرحه) فإن في إحدى جناحية داء وفي الأخرى شفاء ) أخرجه البخاري وابن ماجه وأحمد .

وفي لفظ آخر قال عليه الصلاة والسلام : ( إن في أحد جناحي الذباب سم والآخر شفاء فإذا وقع في الطعام فامقلوه فإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء ) رواه أحمد وابن ماجه

ورواه ابن ماجه : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ به مرفوعا دون القصة .
ورواه الطيالسي , وعنه رواه النسائي وابويعلى وابن حبان .
قلت : وهذا سند صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين ، غير سعيد بن خالد – وهو القارظي – وهو صدوق كما قال الذهبي والعسقلاني .
3- وأما حديث أنس , فرواه البزار من طريق أبي عتاب سهل بن حماد عن عبدلله بن المثنى عن ثمامة عنه .
قلت : وسنده صحيح رجاله رجال الصحيح .

وقال أبو الطيب الطبري لم يقصد النبي صلى الله عليه و سلم بهذا الحديث بيان النجاسة والطهارة وإنما قصد بيان التداوي من ضرر الذباب وكذا لم يقصد بالنهي عن الصلاة في معاطن الإبل والأذن في مراح الغنم طهارة ولا نجاسة وإنما أشار إلى أن الخشوع لا يوجد مع الإبل دون الغنم قلت وهو كلام صحيح . إذًا العلة في الذباب قاصرة وهي عموم البلوي به وهذه مستنبطة أو التعليل بأن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء . أهـ
 قلتُ : بالمثال يتضح المقال: لو أن هناك شخصًا أراد أن يشرب كوبًا من اللبن فسقطت فيه ذبابة ماذا يفعل ؟ الجواب : هو بالخيار بين أمرين: إما أن يشرب كوب اللبن بعد غمس الذبابة وأخراجها منه، فلا يضره شيء ، بل يأخذ الأجرَ على تصديقه لحديث النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  ، وإما أن يمتنع عن شربه إن كانت نفسه لا تطيق ذلك فلا إثم عليه. لكن القضية هي لو أن هناك رجلاً بائعا لبنًا يُحضر اللبن بكمياتٍ كبيرة ٍجدًا ، وسقطت ذبابة في هذه الكميات الكبيرة ماذا يفعل هذا البائع أو التاجر ؟ هل يخسر هذه الكميات الكبيرة من اللبن ،ويخسر  تجارته ؛ يلقى بها أم أنه يغمس الذبابة ثم يخرجها مرة أخرى ؟
 الجواب: لاشك أنه يغمسها ثم يخرجها مرة أخرى.

قال الخطابي تكلم على هذا  الحديث من لا خلاق له فقال كيف يجتمع الشفاء والداء في جناحي الذباب وكيف يعلم ذلك من نفسه حتى يقدم جناح الشفاء وما ألجأه إلى ذلك قال وهذا سؤال جاهل أو متجاهل فإن كثيرا من الحيوان قد جمع الصفات المتضادة وقد ألف الله بينها وقهرها على الاجتماع وجعل منها قوي الحيوان وأن الذي ألهم النحلة اتخاذ البيت العجيب الصنعة للتعسيل فيه وألهم النملة أن تدخر قوتها أو أن حاجتها وأن تكسر الحبة نصفين لئلا تستنبت لقادر على إلهام الذبابة أن تقدم جناحا وتؤخر آخر وقال بن الجوزي ما نقل عن هذا القائل ليس بعجيب فإن النحلة تعسل من أعلاها وتلقى السم من أسفلها والحية القاتل سمها تدخل لحومها في الترياق الذي يعالج به السم والذبابة تسحق مع الأثمد لجلاء البصر وذكر بعض حذاق الأطباء أن في الذباب قوة سمية يدل عليها الورم والحكة العارضة عن لسعه وهي بمنزلة السلاح له فإذا سقط الذباب فيما يؤذيه تلقاه بسلاحه فأمر الشارع أن يقابل تلك السمية بما أودعه الله تعالى في الجناح الآخر من الشفاء فتتقابل المادتان فيزول الضرر بإذن الله تعالى واستدل بقوله ثم لينزعه على أنها تنجس بالموت كما هو أصح القولين للشافعي والقول الآخر كقول أبي حنيفة أنها لا تنجس والله أعلم. أهـ
( من كتاب رد السهام عن خير الانام للاستاذ أكرم حسن مرسي، من دعاة الجمعية الشرعية بالجيزة)


مبعد البكتريا
تقول شبكة المنهاج الاسلامي: ولذلك فلا يخلو من فائدة أن أنقل إلى القراء خلاصة محاضرة ألقاها أحد الأطباء في جمعية الهداية الإسلامية في مصر حول هذا الحديث , قال :
( يقع الذباب على المواد القذرة المملوءة بالجراثيم التي تنشأ منها الأمراض المختلفة , فينقل بعضها بأطرافه , ويأكل بعضاً , فيتكون في جسمه من ذلك مادة سامة يسميها علماء الطب ( مبعد البكتيريا ) , وهي تقتل كثيراً من جراثيم الأمراض , ولا يمكن لتلك الجراثيم أن تبقى حية , أو يكون لها تأثير في جسم الإنسان في حال وجود ( مبعد البكتيريا ) , وإن هناك خاصية في أحد جناحي الذباب , هي أنه يحول البكتيريا إلى ناحيته , وعلى هذا , فإذا سقط الذباب في شراب أو طعام , وألقى الجراثيم العالقة بأطرافه في ذلك الشراب , فإن أقرب مبيد لتلك الجراثيم , وأول واقٍ منها هو ( مبعد البكتيريا ) الذي يحمله الذباب في جوفه قريباً من أحد جناحيه , فإذا كان هناك داء , فدواؤه قريب منه , وغمس الذباب كله وطرحه كاف لقتل الجراثيم التي كانت عالقة , وكاف في إبطال عملها ) .




إكتشاف مضادات حيوية على الذباب
في جامعة ماغواري، Macquarie University, وهي مؤسسة للعلوم البيلوجية، وضعوا فرضية ان الذباب الذي يعيش في الاوساخ لابد ان يملك آلية ليحافظ على نفسه من البكتريا الضارة له. لذلك قررت الجامعة البحث عن الخصائص المضادة للبكتريا في مختلف مراحل نمو الذباب.

في مؤتمر جمعية البيلوجيين الاسترالييين في ميلبورن قدمت Ms Joanne Clarke, استعراضا للمشروع ، الذي هو جزء من مشروع دولي للبحث عن مضادات حيوية جديدة.

الباحثون فحصوا اربعة انواع من الذباب: ذبابة البيت، ذبابة الاستفراغات، ذبابة الموز، وذبابة المقارنة عبارة عن ذبابة من جزيرة كوين اسلندا Queensland fruit fly وتضع بيوضها في الفواكه الطازجة. النوع الاخير لاتحتاج يرقاته الى الكثير من المضادات الحيوية لانه لايكون في تماس مع الكثير من البكتريا.

تقول مس كلارك ( واصفة وضع ذبابة المقارنة):" الذبابة تمر بمرحلة اليرقة والعذراء قبل ان تبلغ مرحلة النضوج. وفي مرحلة العذراء تكون محمية في شرنقة معزولة، ولاتأكل. نحن تنبأنا انهم لن ينتجوا الكثير من المضادات الحيوية".

وهم لم يفعلوا. وعلى كل حال جميع الييرقات اظهرت قدرة على انتاج المضاد الحيوي ( عدا يرقات ذبابة الفواكه).

جميع انواع الذباب الناضج انتجوا المضادات الحيوية، بما فيهم ذبابة الفواكه، التي في مرحلة النضوج تحتاج الى المضادات الحيوية لانها في تماس مع بقية انواع الذباب لكونها متحركة.

هذه الخاصية كانت موجودة على سطح جميع الانواع الاربعة، كما ان هذه الخاصية توجد في الامعاء ايضا. " نحن نجد النشاط في كلا المكانين" تقول الباحثة.
وتقول: "والسبب الذي ركزنا فيه على السطح لكونه المكان الاسهل". ((يعني المضادات توجد في كل مكان عدا الاجنحة، بحيث ان الحديث الشريف لامعنى له على الاطلاق، فكيف ماسقطت الذبابة وصل المضاد

المضادات الحيوية جرى استخراجها من خلال تغطيس الذبابة بالكحول ثم ترشيح المحلول من خلال شبكة نسيجية واستخراج العالق الخام.

عند وضع العالق الخام مع بكتريا بما فيه من الانواع E.coli, Golden Staph, Candida (خميرة) and a common hospital pathogen, جرى ملاحظة وجود تأثير مضاد حيوي في كل مرة. (وجود تأثير لايعني قضاء تام على البكتريا، او على جميع انواع البكتريا والفيروسات، بحيث كان من الافضل، طالما انه ينطق إعجاز، لو طلب غلي السوائل وليس تغطيس الذبابة فقط، لانه بذلك قدم حماية زائفة)

" الان نحاول التعرف على مكونات المضادات الحيوية وتحديدها". تقول مس كلارك، وفي النهاية سنقوم بإنتاج مركباتها صناعيا.

ولكون هذه المركبات ليست من بكتريا، محتمل، لن يكون من السهل على جزء من الجينات التي تصبح لديها مناعة ضدهم ان تتحول الى مسببات للامراض بسهولة. نتأمل ان هذا الشكل الجديد من المضادات الحيوية سيملك فترة فعالية علاجية اطول.


دعونا نتعرف على الذباب
الذباب له قدرة عجيبة على التكاثر، ففي خلال فصل واحد، ومن ذبابة واحدة ونسلها ينتج لدينا 25 مليون ذبابة. الذبابة الواحدة تضع مابين 100-150 بيضة في المرة الواحدة، وتقوم بوضع البيض 4-5 مرات على مدى حياتها التي تكون 3-4 اسابيع في الصيف و 3-4 اشهر في الشتاء. وكلما ازدادت الحرارة كلما زاد عدد البيض. في الظروف المثالية تنمو الذبابة خلال 9-13 اسبوع.

يوجد 60 الف نوع من الذباب. كل منهم قد يحمل بكتريا او فيروسات ممرضة الى درجة قاتلة، ومختلفة عن الاخرى. ان تكون الذبابة قادرة على انتاج مضادات حيوية لحماية نفسها من انواع البكتريا التي قد تصيبها لايعني انها محتاجة لانتاج مضادات لحماية نفسها من الانواع التي لاتصيبها. فهل عنى محمد ان الذباب ينتج مضادات حيوية لجميع انواع الفيروسات والبكتريا الممرضة التي ينقلها الذباب على اجنحتهم وعلى جسدهم وعلى اقدامهم وعلى خرطومهم، بحيث ان المضادات على جسدها يقتل البكتريا والفيروسات على اية حال؟ ولكن لماذا تعتبر الذباب ممرضة وتنقل امراض خطيرة اذن؟ هل نصدق تمنياتنا وتصوراتنا ونرفض الواقع؟

95% من الذباب الذي نلتقي به يوميا هو الذباب البيتي. Musca domestica. هذه الذبابة تتغذى من خلال فرز لعابها على المواد الغذائية لتحليلها ثم امتصاصها. وتنجذب الى جميع انواع الطعام او الجثث او الافرازات او الفضلات.
نوع اخر من الذباب نراه كثيرا هو ذباب الاستفراغات، حيث تنجذب الى رائحة الموتى لتضع بيوضها في الجثة. هذه الذبابة تسمى Caliphra vomitoria.
ذبابة الحصان نوع شائع في حظائر الحيوان، ومتخصص في ازعاج الحيوانات، وتسمى Musca autumnalis. هذه الذبابة تنشر مرض Parafilaria, الذي يسبب اخضرار اللحم ومرض بياض العين.
ذبابة الغابات Hydrotea Irritans والذي يميزها جوانب خضراء، تنشر مرض mastit.
ذبابة الجثث تسمى Sarcophaga carnaria, وتضع بيوضها في الجثة في حين ان الشرنقة تطمر نفسها في التراب.

توجد انواع من الذباب اللاسع، يتغذى على دماء الحيوان وحتى الانسان. اكثر هذه الجماعة شيوعا هي الذبابة Stomoxys calcitrans, وتنمو يرقاتها في مخلفات الحيوان وتسبب اختلالات عصبية وهرمونية عند الحيوان.

الامراض التي تنشرها
الذباب ينشر امراض فيروسية وبكترية وطفيلية على السواء، منها تسبب امراض الجهاز الهضمي عند الانسان والحيوان على السواء مثل مرض التيفوس والديسنتريا، والتيفوئيد. tyfus , dysenteri. و امراض مثل Parafilaria, mastit, وإلتهاب الكبد، والجمرة الخبيثة، والسلمونيلا ومرض الحمى القلاعية. ونتناول بعضها

كوليرا
تسببها بكتريا، تنتشر بفضل الذباب. يصاب المرء بإسهال شديد يؤدي الى الجفاف والموت.

Campylobacter
عائلة بكتريا تصيب الانسان والحيوان على السواء، وشائعة. بعض انواعها مثل Campylobacter jejuni and C. coli, تسبب امراض في المعدة والامعاء. ولكون الفضلات البشرية والحيوانية متلوثة بهذه البكتريا فإن الشكل الرئيسي لانتقال العدوى عن طريق الذباب. احيانا يصاب المرء Guillain-Barré المؤدي الى الشلل.

Shigella
بكتريا تنقلها الذباب وقريبة للسلمونيلا وتسبب تقلصات معوية وإسهال وارتفاع في درجة الحرارة وخروج دم مع الفضلات.

visceral leishmaniasis
مرض يصيب الكلاب والانسان، بسبب طفيلات تنقله ذبابة الرمل. sand flies التي تعيش في المناطق الحارة مثل الشرق الاوسط والمناطق المدارية. تسبب الحكة وتغييرات جلدية وتسبب الفشل الكلوي واضرار للكبد. وهو مرض مزمن لاعلاج له. والمرض ينتقل عبر لعاب الذبابة الى الدورة الدموية للضحية.

مرض النوم
ذبابة من نوع Tsetseflies, وهي من مجموعة ذباب Simulium تنقل الى الانسان protozo والذي بدوره يسبب له مرض النوم. وهو مرض ينتهي بالموت إذا لم يجري علاجه

mastit
مرض التهاب الثدي تسببه بكتريا Arcanobacterieum pyogenes التي تعيش على الاثداء، و التي تنقلها ذبابة الغابات من المراعي.

Onchocerciasis
عمى النهر، وسببه دودة طفيلية معوية. ويصاب به المرء عن طريق عضة ذبابة سوداء. الدودة تنتشر في كل انحاء الجسم وعندما تموت تسبب حكة وتقتل الانسجة المجاورة مثل العين.

الخلاصة
- الحديث يقول ان الافة والدواء على جناحي الذبابة، ولكن المصدر العلمي لايؤكد هذا الادعاء، بل يعارضه . ان الجناحيين ليسا معنيان بالامر، وبالتالي فالحديث لايتطابق مع الواقع من جهة مصدر العلاج ولا من جهة موقع العلة. ومثل هذه الثقوب لاتصدر عن آلهة.
2-الحديث قال (إذا) سقطت (فأغمس)، وهذه نصيحة خاطئة. هذا هو جوهر الامر. النصيحة خاطئة اساسا وجملة وتفصيلا، كان عليه ان يقول (|إذا سقطت أغلى الوعاء) ليدلل على معرفته وحسن نيته، خصوصا وانه علاج بسيط وفي متناول الجميع على مختلف العصور، ولكنه ضل واضل.
3-النصيحة ليست صالحة لأي زمان على الاطلاق، وتدل انها صادرة عن جاهل او قاتل. انها تزيد من احتمال الاصابة والموت، وتعطي حماية وهمية كاذبة تذكر بعلاج الكهنة.
4-إذا كانت النصيحة عن قوة خارقة عالمة فلابد انها آتية عن الشيطان وليس عن إله رحيم، فهي تهدف الى التأكد من موت الانسان وليس خلاصه. الاله الصحيح سينصح بالغلي وليس بزيادة احتمال المرض، خصوصا وان الغلي عملية بسيطة.
5- إذا كانت النصيحة عن محمد، كبشر، وحبا منه في تطمين الفقير جاهلا بما سيترتب على نصيحته الخاطئة صحيا، امر اقبله، فهي صادرة عن جاهل بحسن نية والى جاهل، ولكنها ليست اعجاز الا عند من لايفكر.

fredag 16 mars 2012

هل ان وجود الكون دليل على وجود الله؟


حسن الولهازي

هل أن وجود الكون دليل على وجود الله؟

يقوم الدين بعدّة وظائف، فهناك وظيفة نفسية تتمثّل في حماية الإنسان في حياته وطمأنته على مصيره بعد الموت، ووظيفة أخلاقية تتمثّل في دعوة الإنسان لإحترام غيره، ووظيفة معرفية تفسّر الظواهر الطبيعية والقضايا الماورائية.
ولكن الوظيفة النفعية للدين شيء والمشروعية المنطقية للدين شيء آخر. فإن كانت للدين وظائف إيجابية، فلا يعني ذلك بالضرورة أن الأسس التي ينبني عليها سليمة. فحتّى الوهم يمكن أن يخدم الإنسان. فإذا سلّمنا أن الأساس الرئيسي الذي ينبني عليه الدين هو وجود الله، فهل يمكن أن نسلّم بوجود الله؟ ثمّ إن كان إثبات وجود الله ينطلق من وجود الكون، فهل أن وجود الكون هو حجّة على وجود الله؟ فهل نحن عندما نتأمّل الكون نكتشف وجود لله أم نختلق وجوده؟ فهل أن الله موجود لأنّه موجود بالفعل أم هو موجود لأنّنا لا نستطيع أن نحيا بدون إله؟
عندما نقول إن وجود الله مُدْرَك من وجود الموجودات فإنّنا نقرّ ضمنيا:
أ‌- أن إدراكنا للموجودات يسبق إدراكنا لله.
ب‌- إن إدراكنا للموجودات مباشر ويتمّ بالحواس، فالموجود المادي يلزم فكري على الإعتراف بوجوده، بينما الله، ولأنّه مُدرَك من وجود الموجودات، لا يُدرك بالحواس وليس له وجود مادّي، أي أن الله لا يكشف عن نفسه مباشرة وإنّما وجوده يُستنتج بعد تفكير.
ت‌- عندما يفكّر الإنسان كيف وُجد الكون، ينتهي به التفكير إلى الإعتقاد في ضرورة وجود إله.

في حدود هذا المستوى ليس هناك مشكل. الخلط يقع في مرحلة ثانية.
ماذا يحصل عندما ينتهي التفكير بالإنسان إلى أن الله موجود؟
الحاصل هو أن الإنسان ينسحب ويربط بين الله والكون ربطا واقعيا وهذا هو الخطأ. فهو قد تناسى أنّه الوسيط الفكري الرّابط بين الله والكون. فهذا الرّبط الأخير ليس واقعيا ولا شهد به حواسّنا وإنّما هو ربط في الذّهن فحسب. قد يكون هناك إله فعلا ولكن لسنا متأكدين من أنّه موجود فعلا طالما أنّه ليس موجودا ماديا. فنحن هنا نشرّع بالفكر لوجود فعلي ومع ذلك ليس لنا حجّة واقعية على أنّه موجود فعلي.

على المتديّن أن يعترف أنّه ليس لنا سبيل لمعرفة هل خلقنا نحن الله أم إكتشفنا وجوده لأن وجوده يظلّ ينحدر من تأمّلنا في الكون. لمزيد الدقّة وجب يجب أن نقول إن وجود الله لا يُستنتج من وجود الموجودات وإنّما من وعينا بوجود الموجودات. (الوعي بالوجود استدلال منطقي، والاستدلال المنطقي مشروح لاحقا)

لو يمنح المتديّن هذه الفكرة القيمة التي تستحقّها، لقفز قفزة نوعية في وعيه بما يفعل. على المتديّن أن يجيب: كيف يحوّل علاقته التأملية بالكون (المستوى النظري) إلى علاقة إيجاد (المستوى الواقعي). إنّ المتديّن يمرّ ببساطة من متأمّل للكون إلى موجِد لله وجودا فعليا رغم أنّه لم يشاهد الله ولم يفعل غير التأمّل. إنّ المتدّين ومن حيث لا يشعر يرى في تغيّر موقفه من الواقع، تغيّرا في الواقع فعلا. وكأنّ الكون كان بدون إله (قبل التأمّل) وأصبح له إله (بعد التأمّل)، والحال أنّ التغيّر في النظرة لا في الكون. فالمتديّن، عوض أن يقول:"أعتقد أن الله موجود"، يقول:"الله موجود" في حين أن هناك فرقا كبيرا بينهما.

خلاصة القول إن الإنسان بمجرّد أن يشرع في التفكير في وجود الله، حتّى ينفيه لأنّ منهجية البحث تقتضي أن يوضع هو في الصدارة (أي الإنسان) وبذلك يكتسب مشروعية نظرية أي يقف موقف المشرّع أو النافي لوجود الله. وهذا هو السبب الذي جعل البعض ينتهي للإيمان والبعض الآخر للإلحاد، لأنّ القضية فكرية بحتة.
ومع كلّ ما قلناه فقد يُعترض علينا بالقول: إن كلّ ما قلناه لا ينفي وجود الله، فلأن ّ الله روح وليس مادّة، نحن مضطرّون للتأمّل في الكون وإكتشاف وجود الله من خلاله فما باليد حيلة. هكذا تجرى الأمور فالله نكتشف وجوده ولا نختلق وجوده.
على هذا الإعتراض ردّي هو التالي: هذه الفرضية واردة ويمكن أن يكون الله موجودا بالفعل ولكن بالنسبة لشخص يتمسّك بالحقيقة لا يمكن أن يحوّل الفرضية إلى حقيقة. فنحن إلى حدّ الآن لم ننته إلى أن الله موجود وإنّما إلى أن الله يمكن أن يوجد. وعلى المتديّن أن يعترف أنّه يتمسّك بفرضية.

فهل يمكن أن نتجاوز الفرضية إلى الحقيقة؟
يستحيل ذلك، طالما أن الله روح أو فكرة. فالفكر لا بدّ أن نقوّمه في إعتقاداته وهذا التقويم لا بدّ أن يكون أن يكون من خارج الفكر وبالتحديد من الواقع المادي هذا هو المنهج الضروري للحسم في المسألة. أما إذا تقوقع الفكر على نفسه فإنّه لا ينشئ إلاّ الترّهات.

لا شكّ أن القارئ يريد أن يسألني الآن السّؤال التالي: هل تريد أن ينتصب الله أمامك، وتلمسه بيديك لتسلّم بوجوده؟ بدون حرج أقول نعم. ليس هناك من سبيل آخر. هذا هو السبيل الوحيد للإيمان الحقّ. بدون ذلك،كيف سنفرّق بين إكتشافنا لوجود الله وإختلاقنا لوجوده؟
هل يعقل أن يكون هذا الكون قد وُجد صدفة؟ أليس من الضروري أن يكون هناك خالق لهذا الكون؟ أليس كلّ معلول له علّة؟ هذه أسئلة مشروعة ولكن لا يجب أن نسهو على أنّنا نحن الذين نسأل ونجيب، يعني نحن الذين نتوجّه إلى الله ونبحث عنه وليس الله هو الذي يفرض علينا وجوده. المهم هو أن لا نتخدّر بهذه الأسئلة فنَنْسَى أنّنا نحن الذين نفكّر ونسأل ونجيب... إنّ مسألة وجود الله هي مسألة نظرية مهما كان الموقف منها، فحتّى لو إعتقد المتديّن أن الله موجود فيجب أن يعي أنّه إتّخذ موقفا من مسألة. فمهما كانت نتيجة بحثه، فلا يخرج ذلك عن كونها فكرة مترتّبة عن نشاط الفكر.فلا يعقل لكونه إنتهى إلى أن الله موجود، أن يصبح فكره مؤسسا لوجود ما يعتقد. لكن قد نسأل هل: هل عندما أعتقد أن القلم الذي أمسكه موجود، هل يعني ذلك أنّه ليس موجودا فعلا وإنّما هو مجرّد إعتقاد. قد نقول قياسا على التحليل المقدم أن القلم غير موجود طالما أنّه مبني على إعتقاد وكلّ إعتقاد يحتمل الخطأ. على هذا الإعتراض أقول أن الأمر يختلف. وجود الأشياء المادية سابق على فكري، بينما تجاه "الموجودات الروحانية" فكري سابق عليها. فوجودها يتأسّس على فكري. الفرق بين المتديّن والفيلسوف هو أن المتديّن يفرز وجودا من التفكير بينما الفيلسوف يظلّ واعيا أنّه يفكّر حتّى ولو إعتقد في وجود ما هو غير مادي.

والحالة هذه لسائل أن يسأل لماذا الفيلسوف هو الوحيد الذي لا يتخدّر بهذا السّؤال الذي هو: هل يعقل أن يكون الكون وُجد صدفة؟ السبب هو أن الفيلسوف يعي بحيل العقل أثناء التفكير. فالعقل لا يعتبر نفسه قد فهم قضيّة إلاّ عندما يربطها بسبب، وإذا عُرف السبب زال العجب كما يقال.ووجه إستغراب الإنسان من الكون هو أنّه يجد نفسه أمام ظاهرة نتيجة لا يرى لها سببا ظاهرا، ولكن في نفس الوقت لا يستطيع أن يقبل هذه الظاهرة (الكون) بدون سبب. من هنا كان الله ضرورة عقلية تمكّن الإنسان من الكون. إلى هذا المستوى يقف المتديّن ولا يواصل إستدلاله العقلي ليتساءل:ومن خلق الله؟ فهو أيضا سؤال مشروع شأنه شأن السؤال الأوّل. فعندما نقول إن الكون لا يعقل أن يوجد بدون سبب وأن الله هو خالقه وأن هذا الخالق هو الموجود الأوّل ولم يصدر عن شيء سبقه، فإنّنا بذلك نكون قد فرضنا على العقل قبول ما لا يقبله. المسألة تكمن في: هل من المشروع أن نسأل: من خلق الله؟
*إن أجبنا بالنفي قلنا ليس هناك موضوعية في هذه الإجابة لأنّنا كشفنا عن إعتقادنا في وجود الله ونحن لازلنا في مرحلة البحث، فعلى أي أساس نقول نقول لا؟ وقولنا إنّه واجد ولا يمكن أن أن يوجد عن غيره لا يقنع العقل بالمرّة ولو كان يقنعه موجود بدون سبب لأقنعه أن الكون بدون سبب. ففي منطق العقل يتساوى الكون والله من حيث ضرورة تأطّر كلّ منهما في علاقة سببية بحيث يكون كلّ واحد منهما سببا لما يلحقه ونتيجة لما سبقه.
*وإن أجبنا بالإيجاب وإعتبرنا أن كلّ سبب هو نتيجة لا بد لها من سبب كانت سلسلة الأسباب لامتناهية وهكذا يعجز العقل عن الإجابة النهائية.
يتبين لنا ممّا سبق أن الأمر الذي فرض وجود الله فرضا هو النظر للكون على أنّه نتيجة. ولهذا نحن لا نعرف الله وإنما نعرفه بالكون،ولهذا أيضا عندما يقول البعض إن الله موجود ونجهل كنهه، فذلك لأنّنا لسنا في حاجة لكنهه وإنّما في حاجة لوجوده حتّى يصبح وجود الكون مقبولا عقليا.
خلاصة القول وجود الكون دليل على وجود الكون ولا يدلّ بشكل ثابت ويقيني على وجود غيره. وهكذا يكون التيقّن في مسألة وجود الله أمرا مستحيلا. فلا المتديّن أفضل من الملحد ولا الملحد أفضل من المتديّن. فالإنسان تجاه السؤال مطروح أعلاه بين وضعيتيْن مأسويتيْن إما أن يسلّم بوجود الله عشوائيا أن يتصالح مع الجهل، إمّا أن يكون مؤمنا دغمائيا أو جاهلا لاأدريا، عليه أن يختار.
حسن الولهازي
...

أن لا تقدر عديد المجتمعات أن تحيا بدون تدين لا يعني ذلك أن الدين ضرورة منطقية. فهل الوثنية ضرورية؟ أو المجوسية أو البوذية ...و ما نقوله عن هذه الأديان نقوله عن اليهودية والمسيحية والإسلام. طبعا سيقول المسلمون كيف تساوي بين الإسلام والوثنية، وسيقول اليهود كيف تساوي بين اليهودية والمجوسية. ليعرف هذا المعترض أن كلّ مجتمع معتزّ بدينه، وأن قيمة الوثنية عند الوثنيين هي عينها قيمة الإسلام عند المسلمين. كلّها أشكال تديّن. و تعدّد أشكال الدين دليل على أنّه إنتاج بشري.
وقد يسأل سائل لماذا يتطوّر الدين في الشكل لكن يظلّ ظاهرة ثابتة في المجتمع على إمتداد التاريخ؟
ثبات الدين في المجتمع متأتّ من ثبات العجز الإنساني. وسيظلّ هناك دين طالما هناك عجز. فالدين هو الذي يوهم الإنسان بحلول تسهّل عليه قبول المصائب. فكيف يحصل ذلك؟
خلق الإنسان الإله (صاحب القدرة التي لا تضاهى) وأوجد أشكالا من الممارسات السحرية (بالمعنى الأنتروبولوجي) التي تمكّنه عندما يأتيها بالظفر برضا الإله. طبعا من كانت القدرة العليا إلى جانبه لا يخيب. لم يخطئ ماركس عندما قال " الدين أفيون الشعب".
هذه الأفكار التي ذكرتها لا تلزمني إلا أنا وحدي. لا أسعى من وراء ذكرها إلى التأثير على أيّن كان. كلّ فرد حرّ في أفكاره.