söndag 13 oktober 2019



الهرموفروديت، ثنائية الجنس عند الحيوانات

طريف سردست

بعض الاجناس، مثل القواقع والحلزونات ودود الارض تكون القاعدة فيها ان يكون افرادها ثنائيي الجنس، اي كلا منهم يملك جهاز التكاثر الانثوي وجهاز التكاثر الذكور، وكل فرد منهم قادر على ممارسة الجنس تارة كالذكر وتارة كالانثى. القواقع الكبيرة من نوع Patella vulgata يكون الفرد فيها في البدء ذكرا ولكنه قادر على تبديل جنسه فيما بعد، لهذا السبب ينتمي ايضا الى مجموعة الهيرمافروديت.
Hermafrodit, Hermafroditos, هو الاسم الذي كان للنسخة الاغريقية من لله الذي لاصاحبة له، ليس لانه ليس ذكراً بل لانه يجمع الذكورة والانوثة على السواء، فهو كلاهما، وهو الى جانب ذلك الذي علم الانسان الاسماء، اسماء الاعضاء الجنسية بالطبع، حسب الميثالوجيا الاغريقية. وهذا الاله هو عبارة عن اندماج صفات الاله Herme مع الإلهة افروديت. واليوم يطلق هذا التعبير على الاجناس التي لديها كلا الجهازين الجنسيين، الانثوي والذكري في نفس الوقت، او في اي مرحلة من مراحل حياتها. Mats Grahn, مدير المدرسة الايكالوجية العليا في سوديرتورن السويدية، يعتقد ان الحيوانات التي تستخدم ثنائية الجنس، كأستراتيجية رئيسية للتكاثر تفعل ذلك لكونها الاستراتيجية الاكثر تناسبا مع ظروف معيشتهم. بالنسبة للنباتات الثابتة والحيوانات البطيئة او التي تقضي وقتا طويلا بدون حركة من الافضل لهم ان يكونوا ثنائيي الجنس على ان يكونزا متخصصين مثل بقية الكائنات المتنقلة. هذا الامر مهم من ناحية مدى سهولة الحصول على شريك جنسي. الهرمافروديت ظاهرة شائعة لدى الحيوانات البحرية، حيث نلاحظ وجودها لدى العديد من الانواع مثل الاسفنج والمرجان والديدان المسطحة والقواقع والروبيان والعديد من انواع الاسماك، و زنابق لالبحر Balanidae, Polychaeta, Mollusca, Bryozoa, Urochordata.
الافضلية التي تملكها هذه الكائنات هي القدرة على انتاج اكبر عدد ممكن من الاجيال خلال حياتها، ونشر جيناتها، بالرغم عدم قدرتها على البحث عن شريك على مساحات كبيرة.
القوقعة Patella vulgata تعتبر protandrisk, هذا يعني انها في البداية ذكر ثم تصبح انثى. هذه الاستراتيجية مفيدة لكون الانثى تحتاج الى الكثير من الطاقة لانتاج البيض، ولذلك فمن المفيد ان يكون الفرد قد اصبح كبيراً عندما يصبح انثى. عند بعض انواع الاسماك مثلا L. mixtus يقوم الذكر بحماية منطقة حيوية، وعندها من الافضل ان يكون الذكر هو الاكبر. الكائنات التي تكون في البدء ذكور ثم تتحول فيما بعد الى اناث تدعى protogyn hermafrodit.

الانواع التي تكون ذكر وانثى في نفس الوقت نادرة للغاية في عالم الطبيعة. على الاغلب لكون إمتلاك جهازين جنسيين فاعلين في نفس الوقت مكلف للغاية. ولكن بالنسبة للانواع التي تكون ثنائية (هيرمافروديت) على طول الخط تتضاعف حظوظ ابناءها في لقاء شريك التلقيح لكون كل من يلتقوه من ابناء نوعهم هو بالتأكيد من الجنس المطلوب للقيام بالمهمة.

عملية التلقيح عند الهيرمافروديت ، يقوم بإنجازها غالبا طرفين، حيث يقوم كل طرف بتلقيح الطرف الثاني، في الوقت الذي يكون هو نفسه يتلقح. ولكن من الممكن ان يحدث عند بعض الانواع ان يقوم كل طرف بالقيام بدور المُلقح فقط (يلعب دور الذكر) ،في حين يكون الثاني مُتلقح فقط (يلعب دور الانثى). من الامثلة على الهيرمافروديت المستمر يمكن ذكر دود الارض، الحلزونات العارية، Dugesia. اغلب الانواع الخنثى تحتاج الى شريك ليلقحها، اي انهم لايلقحون انفسهم، ولكن بعضهم يقوم بتلقيح نفسه بنفسه.
عام 2001 ولدت احدى اناث قرش المطرقة Sphyrna zygaena, وليدها في في حديقة حيوانات Henry Doorly Zoo. الغريب في الامر ان هذه الانثى لم تكن تملك اي إمكانية للاتصال بذكر من اجل تلقيح بيضتها، وعلى مايبدو فقدان وجود ذكر هو الذي يطلق القدرة على التلقيح الذاتي. بعد التمحيص ظهر انها قامت بتلقيح ذاتها لتولد عذرياً.
التكاثر العذري يملك سلبياته، وأهمها ان الناتج لديه نسخة جينية من أمه فقط،. لذلك لايكون الجيل قوي بما يكفي، بحيث يتمكن من التلائم مع الطبيعة.
على مدى عشرة سنوات هناك خمسة حوادث للتلقيح الذاتي لسمك القرش في الاسر، حسب التسلسل التالي:
Sphyrna zygaena,2001
Slank bambuhaj, 2002
Svartspetsig revhaj, 2007
Serbrahaj, 2011
Blåshaj, 2012
قنديل البحر الامريكي ، Mnemiopsis leidyi, المعروف شعبيا بالقنديل القاتل، يملك الواحد منه الجهاز الجنسي الذكري والانثوي على السواء. في داخل القنديل تتشكل الخلايا المنوية الذكرية والبيوضة في نفس الوقت، وبالتالي فالفرد منهم يحقق عملية التلقيح من جميع اطرافها. الصغير يكون عمره بضعة اسابيع عندما يصبح ناضجا جنسيا. وخلال العشرة ايام التالية ينتج 12 الف بيضة ملقحة وجاهزة. بعد ذلك يستمر في النمو ويبدأ بالتكاثر بطريقة جديدة: انه يطلق الخلايا المنوية والبيوض الى البحر ليتم التلقيح خارجيا. قدرته الهائلة على التكاثر هي التي اعطته اسم القاتل، إذ انه يستهلك كمية هائلة من بيوض وصغار الاسماك.

عام 2007 تمكنت السحلية " فلورا" وهي من نوع Komodo dragon, من الحصول على تسعة بيوض فقس منها خمسة. هذا الامر جرى في حديقة الحيوانات الانكليزية تشيستير، Chester Zoo, الامر الذي مكن العلماء من الانتباه اليها. لقد عاشت هذه السحلية طيلة عمرها في الاسر ولم يحصل قط ان كان لها اتصال مع ذكر، فمن الذي لقح بيوضها الخمسة؟
وفيما بعد ظهر ان هذا النوع من السحالي يقوم بالتلقيح العذري حتى في الطبيعة وعندها فأن جميع الصغار الناتجة عن بيوض ملقحة ذاتيا تكون ذكورا.

التكاثر العذري والذي يسمى partenogen, غير شائع وسط الحيوانات الكبيرة واللبونة. غالبا مانشاهد التكاثر العذري وسط الحشرات، مثلاً انواع الجعل مثل Curculionidae. ولكن نجد التزاوج العذري لدى حيوان Tardigrada وهو حيوان يتمتع بمواصفات غاية في الغرابة. انه صغير للغاية (0,04 ميلليمتر) ومع ذلك ينتمي الى مملكة الحيوان وله اطراف اربعة ويعيش في الطحالب المائية. قادر على تحمل الاشعاعات الكونية ودرجات الحرارة المنخفظة وحتى خارج الغلاف الجوي. للمزيد عنه اضغط هنا
بين الثدييات نعتقد ان واحد من الف من الاجناس قادرة على التكاثر العذري.

التكاثر العذري ينتشر بين الانواع التي تملك حظوظ قليلة على الانتشار. مثلا عند انواع من الفراشات من جنس Lepidoptera, حيث الانثى غير قادرة على الطيران. التكاثر عن طريق بيضة غير ملقحة، ظاهرة في عالم الحيوان تسمى Partenogenes. مايعادلها في عالم النبات يسمى apomixis. وهذه الظاهرة يمكن العثور عليها بين السحالي والافاعي وغشائيات الاجنحة وحشرة المن.

هناك العديد من الطرق لحدوث التلقيح العذري على المستوى الخلوي وتتعلق بالنوع الذي نتكلم عنه. ابسط تفسير لهذه الظاهرة ان خلية جنسية غير ملقحة (البيضة) تبدأ بالتطور الى جنين. غالبا يكون الوليد نسخة طبق الاصل عن امه، ولذلك يسمى تكاثر استنساخي. ولكن توجد وقائع عن ولادات عذرية لم تنتج نسخة طبق الاصل عن الام. يقول Per Stenberg, عالم بيلوجيا التطور في جانعة اوبسالا السويدية: " في بعض الاحيان تحتاج الاناث التي تتكاثر بالطريقة العذرية الى مجرد وجود ذكور قربها. هناك مثلا نوع من انواع السحالي تحتاج الانثى الى وجود ذكر قريبا منها من اجل تحفيز الانقسام الخلوي. عند هذا النوع من السحالي يقوم الذكر بإستعراض قدراته على الرقص، الذي بدوره يكون سببا كافيا لإثارة انقسام البيضة عند الانثى. ولكن من الممكن ان تقوم الاناث بالرقص لبعضهم البعض والتظاهر بأنهم ذكور"..
اليوم لايوجد حيوانات ثديية، بما فيه البشر، تكون ثنائية الجنس، بحيث يمكن ان ينطبق عليها وصف الهيرمافروديت، اذ ان الثدييات لاتملك جهازين جنسيين كاملين النمو في ذات الوقت.
في السويد يولد سنويا مابين خمسة الى عشرة اشخاص من الذين لايمكن الحسم في جنسهم. ( في السعودية يصل هذا العدد الى حوالي 120 سنوياً). البلبلة في جنس الوليد تحدث بسبب اختلال او انحراف هرموني.
 عندما يلد شخص لديه ، ظاهريا، عضو تناسلي ذكري واخر انثوي في نفس الوقت . هذا الامر يحدث بسبب اختلال هرموني في احدى المراحل المبكرة للتشكل الجنسي مما يؤدي الى عرقلة اتمام العملية نحو التكون في انجاه انثى او ذكر تام. دائما تكون الثدييات ذات الجهازين عقيمة او فعالة بجهاز واحد فقط، وعلى العموم هي حالة نادرة . هذا الامر عند الانسان لايسمى هيرمافروديت وانما انترسيكسويل intersexuell او pseudohermfroditism.
العدائة الافريقية Caster Semenya احدى النماذج على من يملك جهاز ذكري وانثوي في نفس الوقت.
ولكن لماذا لاتوجد ثدييات لديها كلا الوظيفتين الجنسيتين بآن واحد؟

عملية التطور بذلت جهودا عميقة ، على مدى عدة ملايين من السنوات،في بناء نظام التخصص لدى هذه المجموعة. على مدى هذه السنوات جرت العديد من الطفرات المتراكمة للوصول الى تغيير له معنى. هذا يعني ان تركيبتنا البيلوجية الحالية بعيدة للغاية عن المرحلة التي كان فيها الهيرمافروديت ممكنا. يضيف Mats Grahn, ان هناك اقسام من الحيوانات من الاسهل ان يتطور لديها نظام التكاثر الهيرمافروديتي من بقية الحيوانات. مثلا الحيوانات التي تحتفظ ببيوضها خارج جسمها يكون التحول اسهل بالمقارنة مع الحيوانات الاخرى.
ملخص القول فإن الزمان هو حاسم في تقرير مدى التعقيد البيلوجي الذي جرى في مجرى التخصص والابتعاد عن وضع ثنائية الجنس. مثلا من السهل تحويل موبيل تلفون الى راديو، ولكن من الصعب تحويل موبيل الى دراجة.

من الضروري التذكير الى انه وبالرغم من اننا نتكلم عن إنتماءات ثلاث ، من الناحية البيلوجية، الا انه في عالم الانسان المعقد تتعدد اشكال العوامل التي تحدد الشخصية الجنسية لتصل الى ستة، هي:
1- الانتماء الجنسي من خلال التشريح الظاهري
2- الانتماء الفيزيولوجي، اي من خلال عدد الكروموسومات.
3-الانتماء من خلال الافرازات الهرمونية، حيث نوع وكمية الهرمونات تقرر الخصائص الفردية التي ستنمو وتتطور
4-المنظومة الحقوقية الاجتماعية، حيث السلوك والعلاقات الاجتماعية تفرض تتداعياتها على تشكيل الانتماء.
5-الانتماء البسيكولوجي، اي كيف انظر شخصيا لنفسي وكيف اتعايش مع الدور الذي تفرضه العوامل الخارجية ومدى تطابق الدور مع تطلعاتي الجنسية.
6- الشخصية الجنسية الاجتماعية، التي احاول ان اجعل الاخرين يعتقدوها عني ويروني من خلالها.


مصادر:
Fältbiologen, nr. 1-2, 2008
s.27, Sweden.
Hermafroditerna- vägrar välja. Karin Gyllenklev
hermafroditochgudenpan
sekventiell och simultan
pdf
Intersexuell
tvetydig

sexual orientations
'Virgin' Birth in Sharks

الانثى هي الاصل

طريف سردست
الى فترة قصيرة كان العلماء يحذرون من ان الرجل يتهدده خطر الانقراض، إذ بعد دراسة الخارطة الجينية للانسان اكتشف العلماء خطر يحدق بالرجل. عند الدراسات الابتدائية وجدوا ان الكرومسوم الذكري ممتلئ ببقايا جينات لاعمل لها. والكرومسوم نفسه تضائل في الحجم بشكل واضح، بالمقارنة مع ماكان عليه قبل 300 مليون سنة، اذ انه فقد ثلث حجمه، 97% من مورثاته الاصلية. لهذا السبب لم يكن غريبا ان بعض العلماء كانوا يتوقعون اختفائه نهائيا خلال المئة مليون سنة القادمة. الامر الذي يعني انقراض الرجل بشكله الحالي، ليصبح مجرد "صفات ذكرية" عند بعض النساء. 

الرجل يخلق من كرومسوم واحد 
الكرومسوم الذكري هو النصف الاخر للصبغية رقم 23 التي تحسم جنس المولود. غير ان هنا الغرابة. فبينما تتناسب وتتطابق بقية الصبغيات (الكرومسومات) نجد ان النصف الاول( X) والنصف الاخر (Y) مختلفان للغاية. الكرومسوم الانثوي يملك 3000 مورثة مختلفة، بينما الذكري باقي به 50 فقط. لحسن الحظ يملك الرجل النصف الاخر الانثوي الذي يزوده بالمورثات الضرورية. الوظيفة الوحيدة الباقية للكرومسوم الذكري، هي ابقاء الذكورية.
الطبيعة في الاصل تبدء بتشكيل النمو انطلاقا من ان الجميع سيصبحون "امرأة"، وفقط مورث واحد ذكري هو الذي "يغير" الاتجاه. هذا المورث يسمى (YRS) ووظيفته اطلاق تشكيل الخصاوي، التي تبدء بفرز الهرمون الذكري: تيستوستيرون ومواد اخرى ضرورية لتحويل الطفل الى ذكر. لهذا السبب بالذات نجد ان الرجال يحتفظون ليس بالحلمات الثديية وانما حتى بالبنية الداخلية للثدي، رغم انهم لايحتاجونهاة واذا جرى خطأ في وظيفة هذا الهرمون يستمر الطفل بالتتطور الى بنت، على إعتبار انه الخط الاصلي لكل وليد. 


نصف الجينات على الكرومسوم الذكري تختص وظائفها بنمو الحيوانات المنوية ونضجها، ومن الممكن نظريا ان توجد على اي كرومسوم انثوي بدون الحاجة لكرومسوم ذكري خاص. او يمكن ان يتشكل الذكر بميكانيكيزم اخر لايحتوي على كرومسوم ذكري نهائيا تماما كما عند التماسيح مثلا، اذ ان الحرارة هي التي تقرر "جنس" المواليد وليس الكرومسوم. بل وحتى ان بعض السحالي اظهرت قدرة على تلقيح ذاتي للبيضة بدون حاجة لذكر على الاطلاق. 

لذلك من المنطقي الاعتقاد انه اذا جرت طفرة تؤدي الى نقل الجين (YRS) الى كرومسوم اخر، لن تعود هناك حاجة الة الكرومسوم الذكري الخاص Y ، وسيؤدي ذلك على الاغلب الى زواله. وعندها يصبح للجميع كرومسومات انثوية فقط، وبالتالي الجميع يمكن اعتبارهن نساء، من الناحية الجينية. 

بالطبع تبقى هناك حاجة لوجود وظيفة التلاقح الجيني، ولكن هل هل يعني ذلك انه سيبقى الوضع على ماهو عليه الحال اليوم؟ وعلى كل حال يبقى ان قفز الجينات من كرومسوم الى اخر امر محتمل تماما اذ انه خاصة من خاصيات الجينات، الامر الذي يشير الى شدة وواقعية الخطر المحدق على الجين الذكوري. 
اصل الاختلاف وسبب الضعف 

الكرومسوم الذكري يشكل الحلقة الضعيفة بالمقارنة مع النصف الثاني ، الكرومسوم الانثوي اذ ان الكرومسوم الذكري لم يكن إلا نتائج طفرة جرت قبل 200-300 مليون عام، ليصبح الاستثناء عن الصبغيات اللواتي يشكلون القاعدة الاصلية التي هي الكرومسوم الانثوي X . في ذلك الزمن حدث ان مورث سقط في مكانه بالعكس خلال عملية بناء الكرومسوم، هذا الامر جعل زوجي الصبغية 23 غير متتطابقة وغير متناسبة مع بعضها البعض ، الامر الذي ترتب عليه فقدان قدرة الكروموسوم الذكري على استغلال النصف الثاني لاصلاح نفسه. 
احد اهم الاحداث التي تجري بين النصفين المتماثلين للصبغية هو العملية المسماة التبادل المتصالب حيث كل جين في احد الكرومسومات يجلس مقابل الاخر. عند الانشطار الخلوي يحدث ان تتبادل الجينات اماكنها المتقابلة بشكل عشوائي.   للمزيد من المعلومات عن  الطفرات والتغييرات الوراثية اضغط هنا

بسبب التغيير بالطفرة في تسلسل مواقع الجينات يحدث ان جزء كبير من الكروموسوم الذكري لم يعد يتناسب مع مقابله من الكرومسوم الانثوي، وهذا الامر يمنع إمكانية حدوث تبادل تصالبي ويعطل الاصلاح. هذا الامر لم يؤثر على الكرومسوم الانثوي لانه يتم تبادله مع كرومسوم انثوي اخر عندما يكون لدى انثى، وبالتالي فهو يصلح نفسه عبر الاجيال، في حين ان الطرف الذكري يبقى معزولا على الدوام عن عملية التبادل والاصلاح الامر الذي يؤدي الى ازمة تتطور فادحة تظهر نتائجها بوضوح. في النتيجة يصبح الكروموسوم الذكري ممتلئ بالجينات المتضررة الغير قادرة على الاصلاح ليتحول اغلب جيناته الى زبالة جينية. هذا النوع من الطفرات تكرر اربع مرات في الكرومسوم اخرها حدث قبل 30 مليون سنة. النتيجة ان 5% من الكرومسوم قادر اليوم على اعادة بناء وتصليح نفسه وبالتالي حماية نفسه ضد الطفرات الضارة 

الصورة التالية توضح لنا رحلة كروموسومات الجنس على مدار 350 مليون سنة منذ كانت بروتوX,Y متماثلين فى أسلافنا (الشبه –زواحف). 


وبمرور الوقت, التغيرات البنيوية فى الكروموسوم بروتو Y(وتراكم جينات اضافيه مسؤولة عن التطور الذكوري في هذا الكروموسوم) أفقده القدرة على الrecombination مع رفيقه الكروموسوم بروتوX تسببت فى الشكل االحالى, وهى المسؤولة عن التطور الذكوري.
وبدون الدخول الى تفاصيل أكثر تخصصا من الممكن أن نقول أن بدراسة كروموسوم X سنجد أربعة مناطق تعكس أربعة مراحل كبيرة مختلفة فى تطور كروموسوم Y. (على سبيل المثال بعد أول طفرة ظهر للوجود و لأول مرة جينٍ SRY الذى هو الأكثر أهمية فى تطور الذكور). 

وبعد كل طفرة من هذه الطفرات التاريخية الاربعة كان كروموسوم Y يفقد الأجزاء non-recombining ليصغر اكثر ,وفى ذات الوقت الذي كان فيه رفيقه يتطور أكثر و أكثر حتى وصل الى الكروموسوم X الذى نعرفه حاليا.  

العلماء وضعوا خارطة تاريخ الكرومسوم الذكري، بنفس طريقة دراسة القرابة الجينية. ومن مقارنة الخريطة الجينية مع الحيوانات الاخرى يصل العلماء الى ان التغيير الاول حدث عند ظهور القوارض من السحالي، اما الثاني فحدث عند ظهور الحيوانات الكيسية، في حين الثالث حدث عند ظهور الحيوانات اللبونة اما الاخير فعند ظهور االقردة-الانسان. من ذلك نرى ان الانثى كانت هي الاصل في مسيرة نشوء الانواع العليا. 

الكروموسوماتX&Y يشكلون حالة فريدة بالمقارنة بالكروموسومات الأخرى,
فصبغيات زوجي الكروموسومات الأخرى(autosomes),تبدوا وكانها توائم متماثلة ويتعذر التمييز بينهما من ظاهرهم. و على العكس تماما يبدو الكروموسومان, X و Y مختلفان بشكل واضح. 

لماذا كروموسومات الجنس مختلفة بهذا الشكل؟
فالكروموسوم Y يبلغ حجمه فقط واحد الى ثلاثة بالنسبة لحجم X. و بالتالى فأطراف هذه الكروموسومات فقط تتبادل الجينات recombine .وهكذا, معظم الكروموسوم Y يورث من الأب إلى الابن بشكل هو أقرب الى التزاوج اللاجنسي. وبلا recombination ليس هناك reassortment .

لذلك فرصة كروموسوم Y بأن يراكم تغييرات أسرع من X. ,ولا يحدث تحلل كروموسوم X أثناء الانقسام الميوزيmeiosis عند الأنثى ,اذ أن هناك X اخر يقوم بدور شريك كامل في عملية االrecombination. 

الحياة لم تكن ثنائية الجنس
فى البدايات الأولى للحياة ولفترة طويلة كانت الحياة أكثر بساطة, التكاثر اعتمد اللاجنسي الذي لم يملك ميكانيزم تمايز فعال ، حيث المادة الوراثية نسخة طبق الاصل الكائن الاصل واصطلاحاً نسميه الام، بمعنى انه لم يكن هناك تحديد الجنس على أساس ازواج من الكروموسومات الناشئة عن جنسين منفصلين، اي لم يكن هناك من كل شئ زوجين، ولازال حتى الان لايوجد من كل شئ زوجين، بل وحتى لم يكن هناك X Y chromosomes 

التزاوج الثنائي ، له العديد من الاشكال، بعضها نشأ مبكرا منذ الحياة البحرية، مثل مايسمى conjugation حيث تقوم احدى الخلايا النباتية مقابلة لخلية نباتية اخرى من نفس النوع بمد قناة اليها لترسل بواسطته جيناتها. ذلك بفضل امتلاكها F-factor في حين الخلية المتلقية لاتملك الميكانيزم. يمكن اعتبار ذلك احد ابسط اشكال التكاثر الجنسي المبكر عند بعض الكائنات، بما فيها البكتريا. في الطليعيات مثل البرامسيوم، نجد صورة اكثر تطوراً اذ يتصل كل برامسيوم من سلالتين مختلفة ونفس النوع من جهة التجويف الفمي سوية ومع مرور الوقت تتكون قناة اتصال، يحوي كل برامسيوم على نواتين كبيرة وصغيرة، تنحل النواة الكبيرة وتبقى الصغيرة وبعدها تنقسم انقساماً اختزالياً الى اربع نوى تنحل ثلاثة منها وتبقى واحدة، تنقسم النواة المتبقية انقساماً غير متساوٍ وتهاجر النواة الصغيرة من كل برامسيوم الى البرامسيوم الاخر خلال القناة وتتحد مع النواة الكبيرة. ان هذا الاقتران يمثل صورة اكثر تطوراً من حالة البكتريا اذ تتكون في الحقيقة خلايا تناسلية بدائية الصورة تنتقل بين الكائنين. كما انه تكاثر "خنثي" اذا صح التعبير !!!! وتلاحظ كيف كان اتجاه التطور في كون النويات التي تهاجر من جسم الكائن صغيرة الحجم ان هذه النويات ستتطور بحيث تصبح النطف في الكائنات الارقي كما ان النواة الكبيرة في ستصبح الخلايا الانثوية

فى ذبابة الفاكهة على سبيل المثال نسبة الX كروموسوم إلى الأوتوسوم هى المحددة للجنس. و في التماسيح ، تلعب الكروموسومات دورا هامشيّا -  حيث درجة حرارة الشمس هي التي  تحدد الجنس. 

عند الاصداف البحرية من نوع Slipper limpets نجد ان الجنس  متغير ويحدده موقع الصدفة  عندما تتلاصق مع مجموعة الاصداف الاخرى، فالجانب الملتصق بالصدفة الاخرى يكون انثوي، في حين الصدفة التي تكون بين صدفتين يصبح احد جوانبها ذكري ليلقح الصدفة  الاخرى الى اليمين مثلا، في حين يكون جانبها الايسر انثوي يتلقح من الصدفة الواقعة الى اليسار.  

النموذج الاكثر غرابة نجده عند الدودة المسماة Bonellia viridis حيث ان يرقاتها  التي تستقر في قاع المحيط تتحول الى اناث  بطول 10 سم، في حين اليرقات التي تصل بعدها تُجذب الى الاناث  فتبتلعها وتتحول الى ذكور  بالغة الصغر في بطنها  لتنتج الحيوانات المنوية مباشرة في داخل الانثى. 

 بدأ التكاثر الجنسي الثنائي (ازواجا) في فترة لاحقة الامر  الذي سمح بالتنوع وبالتالى أصبحت قدرة النوع على قهر الطفيليات والأمراض المختلفة أكبر وهذا بدوره جعل فرص البقاء على الحياة اكبر, فالتكاثر الجنسى قد يكون أبطأ في تزويد النوع بالافراد ولكنه أسرع من الناحية التطورية ويقدم مؤهلات التأقلم ويساعد على التخلص من الطفرات المؤذية. وحتى ظهور التخصص الجنسي كان التمايز الجنسي الى ذكر و أنثى يعتمد اعتمادا كليا على الظروف البيئية . 

وفي الوقت الذي نرى اشكالا مختلفة للتكاثر ضمن آحادية الجنس نرى ان انواعاً اخرى قد طورت نظاما للتكاثر على اساس التنوع الكروموسوي من نظام XX&XY  حيث الافراد الذين يحصلون وعن طريق الصدفة على الكروموسوم Y يصبحون ذكور في حين الذين  لايحصلون عليه يبقون إناث. ويبقى ان القدرة على تغيير الجنس حسب الحاجة والظروف امراً شائعاً  وليس على الاطلاق شذوذ عن القاعدة اكثر مما يعتقد وهو منتشر بين مختلف المستويات من الكائنات الحية  إبتداً بالحشرات مروراً بالاسماك وانتهاء بالفقريات. 

نرى مثلا ان بعض الحلزونات تنمو كذكر، وبعد ذلك يتحول إلى أنثى، السمك المهرج clownfish له ظاهرة عجيبة إذ تتجمع هذه الأسماك على شكل هرمي في مجموعات، بحيث تحتل الأنثى قمة هذا التجمع الهرمي، وبعد موتها، يصعد أحد الذكور من أسفل التجمع إلى مكانها ويتحول إلى أنثى.  وفي الصورة تظهر مجموعة من سمك  clownfish 


بخصوص الإنسان، فهناك خلل وراثي Testicular Feminization Syndrome ، والذي ينتج إنسان له جسم أنثى وجينات ذكر! وهذا يطرح تساؤلاً أخلاقيًا وفلسفيًا صعبًا أمام الأديان، وللمزيد من التعقيد، فهناك الخنثى الحقيقي والذي يولد جامعًا للذكر والأنثى سويًا، فهذه المشكلة تستحق أن تسمى "مصيبة" في أبعادها الشرعية والدينية، فمثلا هل ينبغي لهذا الانسان ان يتحجب؟ 





؟