söndag 13 oktober 2019


الانثى هي الاصل

طريف سردست
الى فترة قصيرة كان العلماء يحذرون من ان الرجل يتهدده خطر الانقراض، إذ بعد دراسة الخارطة الجينية للانسان اكتشف العلماء خطر يحدق بالرجل. عند الدراسات الابتدائية وجدوا ان الكرومسوم الذكري ممتلئ ببقايا جينات لاعمل لها. والكرومسوم نفسه تضائل في الحجم بشكل واضح، بالمقارنة مع ماكان عليه قبل 300 مليون سنة، اذ انه فقد ثلث حجمه، 97% من مورثاته الاصلية. لهذا السبب لم يكن غريبا ان بعض العلماء كانوا يتوقعون اختفائه نهائيا خلال المئة مليون سنة القادمة. الامر الذي يعني انقراض الرجل بشكله الحالي، ليصبح مجرد "صفات ذكرية" عند بعض النساء. 

الرجل يخلق من كرومسوم واحد 
الكرومسوم الذكري هو النصف الاخر للصبغية رقم 23 التي تحسم جنس المولود. غير ان هنا الغرابة. فبينما تتناسب وتتطابق بقية الصبغيات (الكرومسومات) نجد ان النصف الاول( X) والنصف الاخر (Y) مختلفان للغاية. الكرومسوم الانثوي يملك 3000 مورثة مختلفة، بينما الذكري باقي به 50 فقط. لحسن الحظ يملك الرجل النصف الاخر الانثوي الذي يزوده بالمورثات الضرورية. الوظيفة الوحيدة الباقية للكرومسوم الذكري، هي ابقاء الذكورية.
الطبيعة في الاصل تبدء بتشكيل النمو انطلاقا من ان الجميع سيصبحون "امرأة"، وفقط مورث واحد ذكري هو الذي "يغير" الاتجاه. هذا المورث يسمى (YRS) ووظيفته اطلاق تشكيل الخصاوي، التي تبدء بفرز الهرمون الذكري: تيستوستيرون ومواد اخرى ضرورية لتحويل الطفل الى ذكر. لهذا السبب بالذات نجد ان الرجال يحتفظون ليس بالحلمات الثديية وانما حتى بالبنية الداخلية للثدي، رغم انهم لايحتاجونهاة واذا جرى خطأ في وظيفة هذا الهرمون يستمر الطفل بالتتطور الى بنت، على إعتبار انه الخط الاصلي لكل وليد. 


نصف الجينات على الكرومسوم الذكري تختص وظائفها بنمو الحيوانات المنوية ونضجها، ومن الممكن نظريا ان توجد على اي كرومسوم انثوي بدون الحاجة لكرومسوم ذكري خاص. او يمكن ان يتشكل الذكر بميكانيكيزم اخر لايحتوي على كرومسوم ذكري نهائيا تماما كما عند التماسيح مثلا، اذ ان الحرارة هي التي تقرر "جنس" المواليد وليس الكرومسوم. بل وحتى ان بعض السحالي اظهرت قدرة على تلقيح ذاتي للبيضة بدون حاجة لذكر على الاطلاق. 

لذلك من المنطقي الاعتقاد انه اذا جرت طفرة تؤدي الى نقل الجين (YRS) الى كرومسوم اخر، لن تعود هناك حاجة الة الكرومسوم الذكري الخاص Y ، وسيؤدي ذلك على الاغلب الى زواله. وعندها يصبح للجميع كرومسومات انثوية فقط، وبالتالي الجميع يمكن اعتبارهن نساء، من الناحية الجينية. 

بالطبع تبقى هناك حاجة لوجود وظيفة التلاقح الجيني، ولكن هل هل يعني ذلك انه سيبقى الوضع على ماهو عليه الحال اليوم؟ وعلى كل حال يبقى ان قفز الجينات من كرومسوم الى اخر امر محتمل تماما اذ انه خاصة من خاصيات الجينات، الامر الذي يشير الى شدة وواقعية الخطر المحدق على الجين الذكوري. 
اصل الاختلاف وسبب الضعف 

الكرومسوم الذكري يشكل الحلقة الضعيفة بالمقارنة مع النصف الثاني ، الكرومسوم الانثوي اذ ان الكرومسوم الذكري لم يكن إلا نتائج طفرة جرت قبل 200-300 مليون عام، ليصبح الاستثناء عن الصبغيات اللواتي يشكلون القاعدة الاصلية التي هي الكرومسوم الانثوي X . في ذلك الزمن حدث ان مورث سقط في مكانه بالعكس خلال عملية بناء الكرومسوم، هذا الامر جعل زوجي الصبغية 23 غير متتطابقة وغير متناسبة مع بعضها البعض ، الامر الذي ترتب عليه فقدان قدرة الكروموسوم الذكري على استغلال النصف الثاني لاصلاح نفسه. 
احد اهم الاحداث التي تجري بين النصفين المتماثلين للصبغية هو العملية المسماة التبادل المتصالب حيث كل جين في احد الكرومسومات يجلس مقابل الاخر. عند الانشطار الخلوي يحدث ان تتبادل الجينات اماكنها المتقابلة بشكل عشوائي.   للمزيد من المعلومات عن  الطفرات والتغييرات الوراثية اضغط هنا

بسبب التغيير بالطفرة في تسلسل مواقع الجينات يحدث ان جزء كبير من الكروموسوم الذكري لم يعد يتناسب مع مقابله من الكرومسوم الانثوي، وهذا الامر يمنع إمكانية حدوث تبادل تصالبي ويعطل الاصلاح. هذا الامر لم يؤثر على الكرومسوم الانثوي لانه يتم تبادله مع كرومسوم انثوي اخر عندما يكون لدى انثى، وبالتالي فهو يصلح نفسه عبر الاجيال، في حين ان الطرف الذكري يبقى معزولا على الدوام عن عملية التبادل والاصلاح الامر الذي يؤدي الى ازمة تتطور فادحة تظهر نتائجها بوضوح. في النتيجة يصبح الكروموسوم الذكري ممتلئ بالجينات المتضررة الغير قادرة على الاصلاح ليتحول اغلب جيناته الى زبالة جينية. هذا النوع من الطفرات تكرر اربع مرات في الكرومسوم اخرها حدث قبل 30 مليون سنة. النتيجة ان 5% من الكرومسوم قادر اليوم على اعادة بناء وتصليح نفسه وبالتالي حماية نفسه ضد الطفرات الضارة 

الصورة التالية توضح لنا رحلة كروموسومات الجنس على مدار 350 مليون سنة منذ كانت بروتوX,Y متماثلين فى أسلافنا (الشبه –زواحف). 


وبمرور الوقت, التغيرات البنيوية فى الكروموسوم بروتو Y(وتراكم جينات اضافيه مسؤولة عن التطور الذكوري في هذا الكروموسوم) أفقده القدرة على الrecombination مع رفيقه الكروموسوم بروتوX تسببت فى الشكل االحالى, وهى المسؤولة عن التطور الذكوري.
وبدون الدخول الى تفاصيل أكثر تخصصا من الممكن أن نقول أن بدراسة كروموسوم X سنجد أربعة مناطق تعكس أربعة مراحل كبيرة مختلفة فى تطور كروموسوم Y. (على سبيل المثال بعد أول طفرة ظهر للوجود و لأول مرة جينٍ SRY الذى هو الأكثر أهمية فى تطور الذكور). 

وبعد كل طفرة من هذه الطفرات التاريخية الاربعة كان كروموسوم Y يفقد الأجزاء non-recombining ليصغر اكثر ,وفى ذات الوقت الذي كان فيه رفيقه يتطور أكثر و أكثر حتى وصل الى الكروموسوم X الذى نعرفه حاليا.  

العلماء وضعوا خارطة تاريخ الكرومسوم الذكري، بنفس طريقة دراسة القرابة الجينية. ومن مقارنة الخريطة الجينية مع الحيوانات الاخرى يصل العلماء الى ان التغيير الاول حدث عند ظهور القوارض من السحالي، اما الثاني فحدث عند ظهور الحيوانات الكيسية، في حين الثالث حدث عند ظهور الحيوانات اللبونة اما الاخير فعند ظهور االقردة-الانسان. من ذلك نرى ان الانثى كانت هي الاصل في مسيرة نشوء الانواع العليا. 

الكروموسوماتX&Y يشكلون حالة فريدة بالمقارنة بالكروموسومات الأخرى,
فصبغيات زوجي الكروموسومات الأخرى(autosomes),تبدوا وكانها توائم متماثلة ويتعذر التمييز بينهما من ظاهرهم. و على العكس تماما يبدو الكروموسومان, X و Y مختلفان بشكل واضح. 

لماذا كروموسومات الجنس مختلفة بهذا الشكل؟
فالكروموسوم Y يبلغ حجمه فقط واحد الى ثلاثة بالنسبة لحجم X. و بالتالى فأطراف هذه الكروموسومات فقط تتبادل الجينات recombine .وهكذا, معظم الكروموسوم Y يورث من الأب إلى الابن بشكل هو أقرب الى التزاوج اللاجنسي. وبلا recombination ليس هناك reassortment .

لذلك فرصة كروموسوم Y بأن يراكم تغييرات أسرع من X. ,ولا يحدث تحلل كروموسوم X أثناء الانقسام الميوزيmeiosis عند الأنثى ,اذ أن هناك X اخر يقوم بدور شريك كامل في عملية االrecombination. 

الحياة لم تكن ثنائية الجنس
فى البدايات الأولى للحياة ولفترة طويلة كانت الحياة أكثر بساطة, التكاثر اعتمد اللاجنسي الذي لم يملك ميكانيزم تمايز فعال ، حيث المادة الوراثية نسخة طبق الاصل الكائن الاصل واصطلاحاً نسميه الام، بمعنى انه لم يكن هناك تحديد الجنس على أساس ازواج من الكروموسومات الناشئة عن جنسين منفصلين، اي لم يكن هناك من كل شئ زوجين، ولازال حتى الان لايوجد من كل شئ زوجين، بل وحتى لم يكن هناك X Y chromosomes 

التزاوج الثنائي ، له العديد من الاشكال، بعضها نشأ مبكرا منذ الحياة البحرية، مثل مايسمى conjugation حيث تقوم احدى الخلايا النباتية مقابلة لخلية نباتية اخرى من نفس النوع بمد قناة اليها لترسل بواسطته جيناتها. ذلك بفضل امتلاكها F-factor في حين الخلية المتلقية لاتملك الميكانيزم. يمكن اعتبار ذلك احد ابسط اشكال التكاثر الجنسي المبكر عند بعض الكائنات، بما فيها البكتريا. في الطليعيات مثل البرامسيوم، نجد صورة اكثر تطوراً اذ يتصل كل برامسيوم من سلالتين مختلفة ونفس النوع من جهة التجويف الفمي سوية ومع مرور الوقت تتكون قناة اتصال، يحوي كل برامسيوم على نواتين كبيرة وصغيرة، تنحل النواة الكبيرة وتبقى الصغيرة وبعدها تنقسم انقساماً اختزالياً الى اربع نوى تنحل ثلاثة منها وتبقى واحدة، تنقسم النواة المتبقية انقساماً غير متساوٍ وتهاجر النواة الصغيرة من كل برامسيوم الى البرامسيوم الاخر خلال القناة وتتحد مع النواة الكبيرة. ان هذا الاقتران يمثل صورة اكثر تطوراً من حالة البكتريا اذ تتكون في الحقيقة خلايا تناسلية بدائية الصورة تنتقل بين الكائنين. كما انه تكاثر "خنثي" اذا صح التعبير !!!! وتلاحظ كيف كان اتجاه التطور في كون النويات التي تهاجر من جسم الكائن صغيرة الحجم ان هذه النويات ستتطور بحيث تصبح النطف في الكائنات الارقي كما ان النواة الكبيرة في ستصبح الخلايا الانثوية

فى ذبابة الفاكهة على سبيل المثال نسبة الX كروموسوم إلى الأوتوسوم هى المحددة للجنس. و في التماسيح ، تلعب الكروموسومات دورا هامشيّا -  حيث درجة حرارة الشمس هي التي  تحدد الجنس. 

عند الاصداف البحرية من نوع Slipper limpets نجد ان الجنس  متغير ويحدده موقع الصدفة  عندما تتلاصق مع مجموعة الاصداف الاخرى، فالجانب الملتصق بالصدفة الاخرى يكون انثوي، في حين الصدفة التي تكون بين صدفتين يصبح احد جوانبها ذكري ليلقح الصدفة  الاخرى الى اليمين مثلا، في حين يكون جانبها الايسر انثوي يتلقح من الصدفة الواقعة الى اليسار.  

النموذج الاكثر غرابة نجده عند الدودة المسماة Bonellia viridis حيث ان يرقاتها  التي تستقر في قاع المحيط تتحول الى اناث  بطول 10 سم، في حين اليرقات التي تصل بعدها تُجذب الى الاناث  فتبتلعها وتتحول الى ذكور  بالغة الصغر في بطنها  لتنتج الحيوانات المنوية مباشرة في داخل الانثى. 

 بدأ التكاثر الجنسي الثنائي (ازواجا) في فترة لاحقة الامر  الذي سمح بالتنوع وبالتالى أصبحت قدرة النوع على قهر الطفيليات والأمراض المختلفة أكبر وهذا بدوره جعل فرص البقاء على الحياة اكبر, فالتكاثر الجنسى قد يكون أبطأ في تزويد النوع بالافراد ولكنه أسرع من الناحية التطورية ويقدم مؤهلات التأقلم ويساعد على التخلص من الطفرات المؤذية. وحتى ظهور التخصص الجنسي كان التمايز الجنسي الى ذكر و أنثى يعتمد اعتمادا كليا على الظروف البيئية . 

وفي الوقت الذي نرى اشكالا مختلفة للتكاثر ضمن آحادية الجنس نرى ان انواعاً اخرى قد طورت نظاما للتكاثر على اساس التنوع الكروموسوي من نظام XX&XY  حيث الافراد الذين يحصلون وعن طريق الصدفة على الكروموسوم Y يصبحون ذكور في حين الذين  لايحصلون عليه يبقون إناث. ويبقى ان القدرة على تغيير الجنس حسب الحاجة والظروف امراً شائعاً  وليس على الاطلاق شذوذ عن القاعدة اكثر مما يعتقد وهو منتشر بين مختلف المستويات من الكائنات الحية  إبتداً بالحشرات مروراً بالاسماك وانتهاء بالفقريات. 

نرى مثلا ان بعض الحلزونات تنمو كذكر، وبعد ذلك يتحول إلى أنثى، السمك المهرج clownfish له ظاهرة عجيبة إذ تتجمع هذه الأسماك على شكل هرمي في مجموعات، بحيث تحتل الأنثى قمة هذا التجمع الهرمي، وبعد موتها، يصعد أحد الذكور من أسفل التجمع إلى مكانها ويتحول إلى أنثى.  وفي الصورة تظهر مجموعة من سمك  clownfish 


بخصوص الإنسان، فهناك خلل وراثي Testicular Feminization Syndrome ، والذي ينتج إنسان له جسم أنثى وجينات ذكر! وهذا يطرح تساؤلاً أخلاقيًا وفلسفيًا صعبًا أمام الأديان، وللمزيد من التعقيد، فهناك الخنثى الحقيقي والذي يولد جامعًا للذكر والأنثى سويًا، فهذه المشكلة تستحق أن تسمى "مصيبة" في أبعادها الشرعية والدينية، فمثلا هل ينبغي لهذا الانسان ان يتحجب؟ 





؟ 

Inga kommentarer:

Skicka en kommentar