onsdag 14 september 2011

معضلة يوثيرو: هل يختار الله الصالح لانه صالح ام انه صالح لان الله اختاره؟




من خلال قراءتي لكتاب " الفلسفة مواضيع مفتاحية " لمؤلفه جوليان باجيني الصادر عن وزارة الثقافة السورية وهي مجلة شهرية تصدر عن الوزارة باسم " الكتاب الشهري "

أثار هذا الكتاب مسائل عديدة فقد بدأ أولاً بتوضيح مفهومات فلسفية مثل :المقدمات - انتقاد الحجج - أن تصبح فيلسوفاً
ثم تعرض لنظرية المعرفة ومذاهبها العقلي والتجريبي ....
وكان يقدم في نهاية كل فصل انتقادات موجهة للمذهب أو النظرية هذا ما أعطى الكتاب بشكل عام وجوليان باجيني بشكل خاص سمة الموضوعية التي تكاد تكون جزء لا يتجزء من المنهجية المتبعة في الكتاب
في النهاية للكتاب يتعرض باجيني لأمر مهم جداً تحت اسم : الإله و الأخلاق حيث يحدثنا جوليان أن هناك العديد من الناس المؤمنين يعتقدون أن وجود الإله مرتبط بوجود الحياة والمرشح الوحيد الذي سيضع ويسن القوانين الأخلاقية هو الله ومن غير وجود الإله فإن الأخلاق لن توجد.  ثم في صفحة 235 ، يقول :
(( حتى إن بعضهم قد استخدم هذا الأمر - يقصد مسألة ارتباط الأخلاق بوجود إله - كدليل على وجود الإله، فبدونه لما كان هناك شيء من الأخلاق.  ولما كان الإله وحده قادراً على أن يكون مصدرها فإن الإله واجب الوجود.  إن المقدمة الأولى لهذه الحجة موضع تساؤل لأن كوننا نتبع القواعد الأخلاقية ونؤمن بوجود الأخلاق لا يعني أن توجد الأخلاق مستقلة عنا إنما نتبع تقاليد بشرية أو قوانين أخلاقية أنشأناها نحن لا الإله ))

ثم يتابع جوليان في نفس الصفحة ليخبرنا عن معضلة يوثيريو التي أثارها أفلاطون قديماً - والكلام للمؤلف -

(( الحقيقة أن أفلاطون قبل أكثر من 2000 سنة وضع حجة مقنعة جداً بأن الأخلاق لا تعتمد على الإله وذلك في حوار يدعى يوثيريو Euthyryo والحجة بسيطة تقوم على الأجوبة الممكنة عن سؤال بسيط :
أيختار الإله ما هو صالح لأنه صالح أم ان الصالح صالح لأنه الإله يختاره ؟ 



تأمل الطرف الثاني من المعادلة: إذا كان الصالح هو فقط ما يختاره الإله فيبدو أن التفريق بين الصالح والطالح هو تفريق قسري , فما الذي يمنع الإله أن يقرر أن القتل صالح والرأفة طالحة مثلاً ؟
وإذا كان الصالح والطالح قسريين بهذه الصورة فإنهما إذن يفقدان قوتهما الأخلاقية ))


يقول جوليان باجيني في صفحة 237 :

(( لكن إذا كان الصالح والطالح لا يعتمدان على الإله  , فهذا يعني أننا لا نحتاج الإله لكي يوجد لنا الصالح والطالح. وإذا كان الإله غير موجود
إذن فإن الصالح والطالح يظلان موجودين وهكذا لا يوجد علاقة اعتماد متبادل بين الإله والصلاح وهكذا لا يُثبت وجود الأخلاق وجود الإله كما أن عدم وجود الإله لن يهدد الإخلاق ))

عندما يحاول المؤمنون ايجاد حل للمعضلة لن يجدوا حلا يغلق الثغرة، على الرغم ان الاله يفترض انه يملك الحجة البالغة. فهل فكرة الإله هشة إلى هذه الدرجة ؟؟؟

وأترك الكلام الآن للأستاذ باجيني في صفحة 237 :

(( قيل مثلاً إن الإله هو الصلاح وهكذا يكون السؤال المطروح في معضلة يوثيريو Euthyryo سؤالاً مضللاً
الإله يختار ما هو صالح , الإله هو ذاته صالح لكن عندئذ يبقى بإمكاننا طرح المعضلة الأساسية ذاتها في صيغة أخرى :
هلى الإله صالح لأن الصالح هو الإله تماماً مهما كان ؟ أو الإله الصالح لأن الصلاح متجسد في الإله ؟
وبكلمة أخرى أيكون الإله صالحاً مهما كانت طبيعته - كلي الرحمة أو كلي النقمة - أم الإله صالح لأن ما يعنيه كونه صالحاً ظاهراً تماماً في الإله .
إن الأجوبة تقود إلى النتيجة ذاتها : إذا كان الصلاح غير قسري فإن صلاح الإله يجب أن يعكس طبيعة الصلاح ذاتها الأمر الذي يعيني أن مفهوم الصلاح قابل للانفصال عن مفهوم الإله ))


المشكلة التي تطرحها معضلة معضلة يوثيريو Euthyryo Dilema بكل إيجاز :

أيختار الإله الصالح لأنه صالح أم أن الصالح صالح لأن الإله يختاره ؟ 

أيختار الإله الصالح لأنه صالح أم أن الصالح صالح لأن الإله يختاره ؟

في الحالة الاولى : إن اختار الإله الصالح لانه صالح فهذا يعني وجوب وجود معنى الصالح بمعزل و قبل او فوق الله كأن يكون الصالح موجودا في الكون ومن ثم اكتشفه الله وعرف بأنه صالح ! هذا لا معنى له وعموما فهو يقود الى النتيجة ان الاخلاق ليست من الله ...

أما في الحالة الثانية فأن هذا الخيار يصبح عبثي وعشوائي دون معنى او هدف ...



- لكن  ماذا لو بدلنا كلمة "الإله" في المقولة بكلمة "مجتمع " ونعني طبعا المجتمع الانساني ... أي مجتمع إنساني . لنرى النتيجة :
أيختار المجتمع الصالح لأنه صالح أم أن الصالح صالح لأن المجتمع يختاره ؟
لاحظ كيف زالت المعضلة ولم يعد هناك من Dilemme لانّا نستطيع ببساطة الايجاب على الحالتين ! ففي الاولى : نعم يختار المجتمع الصالح لانه يراه صالحا له دون أي مشكل لانه يعرف صالحه ويعرف ما يريد ... وتحديدا لانه يعرف صالحه ويعرف ما يريد يصبح الصالح هو في إختياره !

- إذا اردنا ان ندفع بالبحث قدما ، ماذا نستطيع أن نضيف هنا ؟
يبدو من الواضح على هذا المستوى ان الحرية كقيمة إنسانية تشكل الاساس في عملية الاختيار الاجتماعي لما هو اصلح وافضل ! إذ كيف لمجتمع ان يختار في ظل الفرض والظلم والتعسف ؟ 

(Dilemma بالانكليزية او Dilemme بالفرنسية ، المقصود منها هو : الحالة التي يجد الشخص فيها نفسه مضطرا للاختيار بين سيئين (احتمالين كل واحد منهما ليس بصالحه) . )


Inga kommentarer:

Skicka en kommentar