måndag 24 oktober 2011

ماهو الإلحاد?

ملاحظة: عند بحثي في قضية الالحاد وجدت الكثير من المواضيع التي تشوه وجه الالحاد. وعلى الرغم من ان افضل المواضيع كانت في الويكبيديا العربية الا انها لم تكن بالمستوى المطلوب. لهذا السبب سمحت لنفسي بإعادة صياغة موضوع الويكبيديا وإعادة طرحه هنا، ليكون مرجعا قياسيا..

الالحاد كلمة اطلقها المؤمنون على من يرفض تصديق إدعائهم التي يسوقونها بدون دليل على اساس ان الايمان هو الاصل، ونلاحظ ذلك في اصل كلمة الالحاد..

الالحاد في اللغة العربية
معجم لسان العرب یقول: لحَد القبر يلحَدهُ لَحْدًا عمل لهُ لحْدًا. واللحد حفرهُ. والميت دفنهُ. وإلى فلانٍ مال ولحَد في دِين اللَّه لغة في الحد. واللحد حفرهُ. وعن دِين الله وغيرهِ مال وحاد وعدل وطعن فيه. والرجل مارَى وجادَلَ. وفي الحَرَم ترك القصد.(نهایة الإقتباس). نفهم من أعلاه أن مصدر الكلمة لحد یعني المیلان عن طریق أو شيء ما واللحد في الإله أو في الدین هو الخروج عن الدين، او الخروج عن " الصراط المستقيم" والانحراف .

البعض يحاول ترجمة الكلمة الانكليزية Atheism الى اللاربوبية لتفادي المعنى المشحون لكلمة الالحاد الذي اطلقها المؤمنون على اعدائهم. على هذا الاساس تكون اللاربوبية (الإلحاد) وصف لأي موقف فكري يرفض التصديق بإدعاء وجود قوة ذكية ( خالق وفق الفهم الديني) واعي للوجود أو "كائنات" مطلقة القدرة وخارقة للعادة وخارج الكون (إله)، والالحاد بالمعنى الواسع هو عدم تصديق وجود هكذا كائنات (الالهة) خارج المخيلة البشرية. انه موقف معرفي ابتسمولوجي من ادعاء وجود "الله" أو "الهة". فلأن شرط العلم (بحسب افلاطون) هو ان يكون المعلوم قضية منطقية صحيحة، مثبتة، ويمكن الاعتقاد بها، ولما كان ادعاء وجود اله، بحسب الملحد، غير مثبت (ادعاء بدون برهان) فان التصديق بوجود اله ليس علماً وانما هو نمط من " الايمان" الشخصي والذاتي الغير قائم على ادلة. وما يـُقدم بلا دليل يمكن رفضه بلا دليل. ومن هذا فان الالحاد الصرف هو موقف افتراضي بمعنى انه ليس ادعاءاً وانما هو جواب على ادعاء بالرفض.

ليس هناك مدرسة فلسفية واحدة تجمع كل الملحدين، فالملحد يمكن ان يكون من المدرسة المادية أو الطبيعية. والملحدين عِلمانيين بطبيعة عدم قبولهم الادعاءات بدون دليل وتمسكهم بالمنهج العلمي القائم على التشكك والتجربة . وتزداد المطالبة بالبرهان اهمية عندما يتعلق الامر بعالم ما وراء الطبيعة والروحانيات، إنطلاقا من ان الادعاء الاستثنائي يتطلب برهانا استثنائي.

ليس الايمان بإله تحديدا هو الذي يرفضه الملحدون فالبوذيون يؤمنون بدين ولكنهم لايؤمنون باله، ومع ذلك لايؤمن الملحد بالبوذية. ان نواة الالحاد هو عدم قبول الادعاء بدون دليل، يستوي في ذلك مايدعيه مؤمن عن وجود إله او مايدعيه بوذا او اي إدعاء اخر خارج إطار الدين. من هذه الزاوية يمكن للجميع ان يكونوا ملحدين بشكل من الاشكال.


تاريخ الإلحاد


في التاريخ العربي هناك ادلة على وجود ملحدين قبل الإسلام باسم آخر وهو الدهريين الذين كانوا يعتقدون بقدم العالم وأن العالم لا أول له ويذكرهم القران بقوله " وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر وما لهم بذلك من علم ان هم الا يظنون(24) ". الجاثية،
ومن الصعب حصر اسماء الملاحدة في الفترة الاسلامية بالذات لاختلاف علماء المسلمين في وصم مخالفيهم بالزندقة والكفر. فمثلا جرى اتهام الحلاج بالكفر وجرى التمثيل به حيا على الرغم من انه مؤمن، بل ووصل الامر الى التحضير لاتهام ابن تيمية بالخروج من الملة. حسب الشيخ ناصر الفهد في كتابه " حقيقة الحضارة الاسلامية" اتهم بالزندقة ثلة من كبار علماء الفترة الاسلامية ومنهم ابن المقفع وجابر بن حيان والجاحظ والخوارزمي والرازي والفارابي وابن سينا وابن الهيثم وابو العلاء المعري وابن باجه وابن رشد والطوسي.
وقد ألف جمال الدين الأفغاني كتاباً للرد على الملحدين المعاصرين وأسماه "الرد على الدهريين". أما كلمة الإلحاد فكانت تستعمل فقط للأناس الذین كانوا لا یتبعون الدین وأوامره باعتبار الدین منزل أو مرسل من لدن الإله. وفي الكتب المقدسة نجد ذكراً لأشخاص أو جماعات لا یؤمنون بدین معین أو لا یؤمنون بفكرة یوم الحساب أو كانوا یؤمن بآلهة على شكل تماثیل (أصنام) كانت غالبا تصنع من الحجارة. وقد وردت كلمة الإلحاد ومشتقاتها في القرآن في المواضع التالیة:
سورة الأعراف: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه سيجزون ما كانوا يعملون(180)
سورة النحل: ولقد نعلم انهم يقولون انما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون اليه اعجمي وهذا لسان عربي مبين (103)
سورة فصلت: ان الذين يلحدون في اياتنا لا يخفون علينا افمن يلقى في النار خير ام من ياتي امنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم انه بما تعملون بصير (40)

الكلمات الآنفة الذكر في القرآن لا تأتي بمعنى الإلحاد بالمفهوم الحالي المتعارف علیه. فهنا تأتي بمعاني مختلفة وأهمها الشك في شيء والميل عنه. وكذلك الشخصیات المذکورة في القرآن من الذین كانوا لا یؤمنون برسالة محمد كانوا شخصیات غیر ملحدة (بالمفهوم الحالي) بل کانوا یؤمنون بتعدد الآلهة "مشركون" فبالرغم من اعتقادهم بوجود الإله الأوحد فإنهم كانوا بنفس الوقت یؤمنون بأن التماثیل التي كانوا یعبدونها بإستطاعتها الشفاعة لهم عند الإله الأعظم. سورة العنكبوت:
ولئن سالتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فانى يؤفكون (61)

ويبدو أن فكرة إنكار وجود خالق من الأساس كانت قضية غير شائعة في الحضارات القديمة واطرافها ، إذ يقول المؤرخ الإغريقي Plutarch: "لقد وجدت في التاريخ مدن بلا حصون، ومدن بلا قصور، ومدن بلا مدارس، ولكن لم توجد أبدا مدن بلا معابد".
وعلى مايبدو لم يغادر ابدا موقع الحضارات القديمة ولم يصل الى افريقيا حيث لم تكن تعرف الاديان والعبادات الموجهة طقوسها الى آلهة ولم تكن تملك معابدا.

اللادينية وعلاقتها بالإلحاد


اللادينية تيار غني بالرؤى حول وجود الإله أو عدمه وهي بذلك أعم من الإلحاد الذي ينفي وجود الإله، ولكل لاديني فهمه الخاص للدين والإنسان والإله ولكن هذا لا يعني غموض مفهوم اللادينية، إذ مهما تعددت الرؤى والتصورات يبقى للادينية مفهوم فكري عام يميزها عن باقي الاتجاهات الفكرية. هذا المفهوم الفكري العام یتمركز في أنهم جمیعا یعتقدون أن الأدیان الحالیة هي من صنع البشر ولیس من خالق مفترض او علة اولى. يُقسم البعض اللادينية لثلاثة فروع
1) الملحدون (أي أن الالحاد فرع للادينية) : وهم الذين ينكرون وجود الإله جملة وتفصيلاً
2) اللا أدريه : وهم الذين لايعلمون هل يوجد إله أم لا
3) الربانيون : وهم الذين يعتقدون بوجود إله الخالق او علة اولى، في الوقت الذي لايرون ان الاديان هي من عند هذا الإله او العلة الاولى ( العلة الاولى ليس بالضرورة إله).

أسباب الإلحاد



أسباب فلسفية نابعة من التحليل المنطقي والاستنتاج العلمي، حيث يشير كثير من الملحدين إلى النقاط أدناه:
  • عدم وجود أي أدلة أو براهين على وجود إله [1] ويرون أن وجود إله متصف بصفات الكمال منذ الأزل هو أكثر صعوبة وأقل إحتمالا من نشوء الكون والحياة لأنهما لا يتصفان بصفات الكمال، بمعنى أن افتراض وجود إله حسب رأي الملحدين يستبدل معضلة وجود الكون بمعضلة أكبر وهي كيفية وجود الإله الكامل منذ الأزل، وبالتالي لا بد أن التعقيد قد نشأ من حالة بسيطة، كتفسير تنوع وتعقيد الكائنات الحية كما تشرحه نظرية التطور عن طريق الانتخاب الطبيعي، بل ان الكون برمته نشأ من حالة بسيطة الى التعقيد، لتصبح نظرية التطور نظرية كونية.
  • فكرة الشر أو الشيطان في النصوص الدينية: يرى بعض الملحدين (أبيقور مثلا) أن الجمع بين صفتي القدرة المطلقة والعلم المطلق يتعارض مع صفة العدل المطلق للإله وذلك لوجود الشر في العالم.[2] ولا ترى المذاهب الإسلامية السائدة تعارضا بين وجود الشر ووجود إله عليم وقدير وعادل بينما تذهب المعتزلة إلى نفي خلق الله لأفعال العباد لأجل تنزيه الإله عن فعل الشر لكن ذلك لا يرد على الشر الناتج عن الحوادث الطبيعية التي لا دخل للإنسان فيها كالزلازل مثلا او التشوهات الخلقية للاجنة..
  • عدم وجود دليل علمي على فرضية الخلق من العدم، حيث يبين العلم حسب قانون بقاء المادة أن المادة لا تفنى ولا تستحدث من العدم بل يمكن فقط أن تتحول إلى طاقة بعلاقة تعبر عنها معادلة تكافؤ المادة والطاقة، والطاقة بدورها محفوظة بقانون بقاء الطاقة، بمعنى أن المادة هي صورة من صور الطاقة وهما لا يفنيان ولا يخلقان من العدم.
  • وجود ما يعتبرونه أخطاءً في تصميم الطبيعة مثل أخطاء في تصميم العين [3] والأجنحة التي لا تنفع للطيران لدى بعض الطيور والاثداء لدى الذكور وامور أخرى عديدة وكلها تدل على عدم الكمال [4].
  • وتدخل أسباب اللادينية التي ذكرناها اعلاه ضمن أسباب الإلحاد لأن كل الملحدين لادينيون نسبة إلى الأديان الإبراهيمية (لكن العكس غير صحيح فالربوبي يؤمن بإله دون دين).


أنواع الإلحاد


بسبب التعريف غير واضح المعالم لمصطلح الإلحاد ووجود تيارات عديدة تحمل فكرة الإلحاد، نشأت محاولات لرسم حدود واضحة عن معنى الإلحاد الحقيقي وأدت هذه المحاولات بدورها إلى تفريعات وتقسيمات ثانوية لمصطلح الإلحاد، وتبرز المشكلة إن كلمة الإلحاد هي ترجمة لكلمة إغريقية وهي atheos وكانت هذه الكلمة مستعملة من قبل اليونانيون القدماء بمعنى ضيق وهو "عدم الإيمان بإله" وفي القرن الخامس قبل الميلاد تم إضافة معنى آخر لكلمة إلحاد وهو "إنكار فكرة الإله الأعظم الخالق" كل هذه التعقيدات أدت إلى محاولات لتوضيح الصورة ونتجت بعض التصنيفات للإلحاد ومن أبرزها:
  • إلحاد قوي أو إلحاد ايجابي وهو نفي وجود إله [5].
  • إلحاد ضعيف أو إلحاد سلبي وهو عدم الاعتقاد بوجود إله [6].

الفرق بين الملحد الإيجابي والسلبي هو ان الملحد الإيجابي ينفي وجود الله وقد يستعين بنظريات علمية وفلسفية لإثبات ذلك, بينما الملحد السلبي يكتفي فقط بعدم الاعتقاد بالله نظرا لعدم قناعته بالأدلة التي يقدمها المؤمنون .

هذان التعريفان كانا نتاج سنين طويلة من الجدل بين الملحدين أنفسهم ففي عام 1965 كتب الفيلسوف الأمريكي من أصل تشيكي أيرنست نيجل (1901 - 1985) "إن عدم الإيمان ليس إلحادا فالطفل الحديث الولادة لايؤمن لأنه ليس قادرا على الإدراك وعليه يجب توفر شرط عدم الإعتقاد بوجود فكرة الإله" [8].

في عام 1979 قام الكاتب جورج سمث بإضافة شرط آخر إلى الملحد القوي الا وهو الإلحاد نتيجة التحليل والبحث الموضوعي فحسب سمث الملحد القوي هو شخص يعتبر فكرة الإله فكرة غير منطقية وغير موضوعية وهو إما مستعد للحوار أو وصل إلى قناعة في اختياره ويعتبر النقاش في هذا الموضوع نقاشا غير ذكي [9]،

ولكن البحث والتقصي يكشف لنا أن معظم المفكرين والعلماء الذين أعلنوا الإلحاد لم يتمتعوا بهذه الصفة، إذ يقول موريس بلوندل: "ليس هناك ملحدون بمعنى الكلمة".
وأوضح سمث إن هناك فرقا بين رجل الشارع البسيط الذي ينكر فكرة الإله لأسباب شخصية أو نفسية أو اجتماعية أو سياسية والملحد الحقيقي الذي وإستنادا إلى سمث يجب أن يكون غرضه الرئيسي هو الموضوعية والبحث العلمي وليس التشكيك أو مهاجمة أو إظهار عدم الإحترام للدين [10].

ولكن وبالرغم من هذه التوضيحات بقيت مسألة عالقة في غاية الأهمية لم تحسم لحد هذا اليوم وهو التطبيق العملي على أرض الواقع والحياة العملية لفكرة الإلحاد، فالأديان لا تشجع الإنسان على إتباعها لما يجده فيها من التزام أخلاقي مريح، بل إنها أيضا تقدم له حلولا عقلية مريحة أيضا للقضايا الفلسفية الكبرى حول الوجود والغاية من الحياة، وقد يلتقي الملحد الحقيقي مع المؤمن بدين معين في فكرة احترام وجهة نظر المقابل وعدم استصغار أو تحقير أية فكرة إذا كانت الفكرة مبعث طمأنينة لشخص ما وتجعله شخصا بناءا في المجتمع. فبعض الملحدين لديهم فکر حضاري قائم على مباديء حقوق الإنسان، بالرغم من أن بعضهم أيضاً يبدي سلوكاً متطرفاً تجاه المؤمنين.

بدايات الإلحاد الممنهج



استنادا إلى كارين أرمسترونغ في كتابها «تاريخ الخالق الأعظم» [11] فإنه ومنذ نهايات القرن السابع عشر وبدايات القرن التاسع عشر ومع التطور العلمي والتكنلوجي الذي شهده الغرب بدأت بوادر تيارات أعلنت أستقلالها من فكرة وجود الخالق الأعظم. هذا العصر كان عصر كارل ماركس وتشارلز داروين و فريدريك نيتشه وسيغموند فرويد الذين بدؤوا بتحليل الظواهر العلمية والنفسية والأقتصادية والاجتماعية بطريقة لم يكن لفكرة الخالق الأعظم اي دور او مكان. ساهم في هذه الحركة الموقف الهش للكنيسة المسيحية في القرون الوسطى وماتلاها نتيجة للحروب والجرائم والأنتهاكات التي تمت في أوروبا باسم الدين نتيجة تعامل الكنيسة الكاثوليكية بما اعتبرته هرطقة أو خروجا عن مبادئ الكنيسة حيث قامت الكنيسة بتشكيل لجنة خاصة لمحاربة الهرطقة في عام 1184 م وكانت هذه اللجنة نشيطة في العديد من الدول الأوروبية [12]، وقامت هذه اللجنة بشن حملة جهادية على أتباع المعتقد الوثنى في غرب أوروبا، والوثنية هي اعتقاد بأن هناك قوتين أو خالقين يسيطران على الكون يمثل أحدهما الخير والأخر الشر.

استمرت هذه الحملة من 1209 إلى 1229 وشملت أساليبهم حرق المهرطقين وهم أحياء وكانت الأساليب الأخرى المستعملة متطرفة وشديدة حتى بالنسبة لمقاييس القرون الوسطى. وكانت بناءا على مرسوم من الناطق باسم البابا قيصر هيسترباخ Caesar of Heisterbach الذي قال «اذبحوهم كلهم» [13] [14] واستمرت هذه الحملة لسنوات وشملت أكثر من 10 مدن في فرنسا. وتلا هذه الحادثة خسائر بشرية كبيرة وقعت أثناء الحملات الصليبية. ولم يقف الأمر عند العلماء يل حتى الأدباء اعلنوا وفاة فكرة الدين والخالق ومن ابرز الشعراء في تلك الفترة نجد وليم بلاك (1757 - 1827) William Blake حيث قال في قصائده ان الدين ابعد الأنسان من إنسانيته بفرضه قوانين تعارض طبيعة البشر من ناحية الحرية والسعادة وان الدين جعل الأنسان يفقد حريته واعتماده على نفسه في تغير واقعه [15].

وبدأت تدريجيا وخاصة على يد الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور (1788 - 1860) بروز فكرة ان "الدين هو من صنيعة البشر ابتكرها لتفسير ماهو مجهول لديه من ظواهر طبيعية أو نفسية أو اجتماعية وكان الغرض منها تنظيم حياة مجموعة من الناس حسب مايراه مؤسس الدين مناسبا وليس حسب الحاجات الحقيقية للناس الذين عن جهل قرروا الالتزام بقيم تتعارض وصالحهم [16] وانه من المستحيل ان تكون كل هذه الديانات المتناقضة واللامنطقية والمسببة للحقد والحروب من مصدر واحد، عدا عن ان يكون رحيم وعاقل، فالاله الذي انزل 12 مصيبة على المصريين القدماء وقتل كل مولود أول ليخرج شعبه المختار من أرض مصر هو ليس نفس الاله الذي ينصحك بان تعطي خدك الآخر ليتعرض للصفع دون أن تعمل شيئا".

وتزامنت هذه الأفكار مع ابحاث تشارلز داروين الذي كان مناقضا تماما لنظرية نشوء الكون في الكتاب المقدس واعلن فريدريك نيتشه من جانبه موت الخالق الأعظم وقال ان الدين فكرة عبثية وجريمة ضد الحياة إذ انه لم يفهم فكرة التكليف التي يقول بها الدين وهي أن يعطيك الخالق مجموعة من الغرائز والتطلعات وفي نفس الوقت يصدر تعاليم بحرمانك منها في الحياة ليعطيك اياها مرة أخرى بعد الموت خصوصا وأن رجال الدين في أوروبا آنذاك كانوا يميلون إلى الرهبنة والانقطاع عن الدنيا [17]

وهكذا أخذت أفكار الملحدين في هذه المرحلة منحى النفور من الدين لتناقض العقل مع تصرفات وتعاليم الكنيسة. اعتبر كارل ماركس الدين أفيون الشعوب يجعل الشعب كسولا وغير مؤمنا بقدراته في تغيير الواقع وان الدين تم استغلاله من قبل الطبقة البورجوازية لسحق طبقة البسطاء [18]، اما سيغموند فرويد فقد قال ان الدين هو وهم كانت البشرية بحاجة اليه في بداياتها وان فكرة وجود الاله هو محاولة من اللاوعي لوصول إلى الكمال في شخص مثل أعلى بديل لشخصية الأب إذ ان الأنسان في طفولته حسب اعتقاد فرويد ينظر إلى والده كشخص متكامل وخارق ولكن بعد فترة يدرك انه لا وجود للكمال فيحاول اللاوعي ايجاد حل لهذه الأزمة بخلق صورة وهمية لشيئ اسمه الكمال [19].

كل هذه الأفكار وبصورة تدريجية ومع التغييرات السياسية التي شهدتها فرنسا بعد الثورة الفرنسية وبريطانيا بعد عزل الملك جيمس الثاني من إنكلترا عام 1688 وتنصيب الملك وليام الثالث من إنكلترا والملكة ماري الثانية من إنكلترا على العرش كان الأتجاه السائد في أوروبا هو نحو فصل السياسة عن الدين والغاء العديد من القيود على التعامل والتعبير التي كانت مفروضة من السلطات السابقة التي كانت تاخذ شرعيتها من رجالات الكنيسة. وعندما بدأ الاستعمار الأوروبي للعالم الإسلامي حيث تحولت الجزائر إلى مستعمرة فرنسية عام 1830 وتحولت اليمن الجنوبية في عام 1882 إلى مستعمرة بريطانية وبين بريطانيا وفرنسا سقطت مصر وتونس وليبيا والمغرب والسودان. وهنا بدأ احتكاك جديد لأول مرة بين قوى متطورة من الناحية العلمية والتكنلوجية وليس للدين دور مباشر في جهاز ادارتها وايديولوجيتها السياسية وبين مسلميين لايعون العالم الا من خلال الدين ليدركوا ان ذلك لم يفدهم وان ركب التقدم قد فاتهم على الرغم تمسكهم الشديد بالدين. وفي قرارة نفسهم كانوا لايزالون يؤمنون بانهم "خير أمة أخرجت للناس" وان "الدين عند الله الإسلام" فظهر انهم امام خياران لا ثالث لهما اما اللحاق بالتقدم الغربي من خلال التقليد والتعلم والعلاقات الجيدة أو الارتكان الى الاعتقاد السهل بان ما آل اليه حال المسلمين من الانحدار يكمن سببه في الأبتعاد عن أصول الدين الإسلامي. فاختار البعض الطريق الذي جربه الغرب على اساس العلمانية في حين اختار البعض الانغماس في الدين سواء بالمذهب السلفي الاكثر ارثوذكسية أو اختيار التجديد وقراءة الدين قراءة عصرية ولايزال هذا الأنقسام موجودا إلى يومنا هذا.

الإلحاد في العالم الإسلامي


بعد إسقاط الإمبراطورية العثمانية حاول مصطفى كمال أتاتورك (1881 - 1938) بناء دولة علمانية وإلحاق تركيا بالمجتمع الأوروبي فقام بإغلاق جميع المدارس الإسلامية وشملت المحاولة منع إرتداء العمامة أو رموز أخرى فيه إشارة إلى الدين. في إيران تأثر الشاه رضا خان الذي حكم من 1925 إلى 1941 بمبادرة أتاتورك فقام بمنع الحجاب وأجبر رجال الدين على حلق لحاهم وقام بمنع مواكب العزاء أثناء عاشوراء ولكن هذه المحاولات لكونها مفاجئة وقهرية وجرت في مجتمع فلاحي لازال يعيش عصرا ابويا عشائريا كانت لها نتائج عكسية، كما ان المجتمع لم يواجه حكما مباشرا من المؤسسة الدينية على العكس من أوروبا حيث تدخلت الكنيسة في حياة المجتمع والسياسة والعلم. والعالم الاسلامي يقف اليوم امام حالة مماثلة لما عاشته اوروبا حيث استولت المؤسسة الدينية على السلطة السياسية في السعودية والسودان وايران والعراق، وتملك نفوذا قويا في جملة من البلدان الاخرى او انها في الطريق لذلك، وتتدخل بصلافة في الحياة الشخصية للفرد الى حدود مدهشة..




ويكبيديا

Inga kommentarer:

Skicka en kommentar